للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [أبو هريرة إلخ] لعل الصواب هاهنا أبا هريرة (١) وإنما وقع هاهنا مرفوعًا بتصرف الراوة والنساخ، وإلا لم يصح جواب أبي هريرة رضي الله عنه بقوله: لبيك. قوله [من أين هذا اللبن لكم] وإنما كان (٢) يسأل ليعلم هل هو هدية أم صدقة، فقد كان يؤتي في بيته صلى الله عليه وسلم بالصدقات لما أنها كانت تحل للأزواج (٣) المطهرات


(١) ولفظ البخاري: يا أبا هر قلت: لبيك، قال الحافظ: وفي رواية أبو هر، وفي أخر أبا هر، فأما النصب فواضح، وأما الرفع فهو على لغة من لا يعرب لفظ الكنية، أو هو للاستفهام، أي أنت أبو هر، انتهى. قلت: وعلى الأخير لا يصح جواب لبيك، بل كان حق الجواب نعم، كما لا يخفى، وإليه أشار الشيخ في كلامه.
(٢) ويؤيد ذلك ما في هبة البخاري من حديث أبي هريرة: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطعام سأل عنه، فإن قيل صدقة قال لأصحابه: كلوا ولم يأكل، وإن قيل هدية ضرب بيده فأكل معهم، ويحتمل أن يكون السؤال لمعرفة المهدي ليثيبه صلى الله عليه وسلم، فكان من دأبه صلى الله عليه وسلم إثابة الهدية، ولغير ذلك من المنافع المترتبة على معرفة المهدي كما لا يخفى.
(٣) كما تقدم في هامش أبواب الزكاة عن حاشية الزيلعي، وترجم البخاري في صحيحه باب الصدقة على موالي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ: لم يترجم لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولا لموالي النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه لم يثبت عنده فيه شيء، وقد نقل ابن بطال أنهن أي الأزواج لا يدخلن في ذلك باتفاق الفقهاء، وفيه نظر، فقد ذكر ابن قدامة أن الخلال أخرج عن عائشة قالت: إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، قال: وهذا يدل على تحريمها، قال الحافظ: إسناده إلى عائشة حسن، وأخرجه ابن أبي شيبة أيضًا، وهذا لا يقدح فيما نقله ابن بطال، وقال ابن المنير: إنما أورد البخاري هذه الترجمة ليحقق أن الأزواج لا يدخل مواليهن في الخلاف، ولا يحرم عليهن الصدقة قولاً واحدًا، لئلا يظن الظان أنه لما قال بعض الناس بدخول الأزواج في الآل أنه يطرد في مواليهن فبين أنه لا يطرد، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>