ذائقته في القم تدب المضمضة منه لئلا يشغل قلب المصلي في صلاته، وكذلك كل ما فيه لزج أو دسم، وقوله هذا عندنا على الاستحباب وقوله ولم ير بعضهم المضمضة من اللبن إنما هما (١) مذهب واحد لا مذهبان كما يتوهم من ظاهر العبارة
(١) أفاد ذلك حضرة الشيخ لما أن عامة نقلة المذاهب لا يذكرون في الباب إلا الاستحباب سيما الحافظين ابن حجر والعيني وغيرهما نفوا الخلاف في ذلك وتقدم قريبًا كلام الحافظ ابن حجر رادًا على ابن شاهين أنه لم يذكر من قال فيه بالوجوب، والأوجه عندي أن الترمذي أراد بذلك اختلاف المذاهب في الباب ولعله أشار إلى ثلاثة مذاهب ولا أقل من اثنين، الأول الوجوب أشار إليه بقوله وقد رأى بعض أهل العلم وبعض آثار السلف يؤمي إليه أخرجها ابن أبي شيبة بلفظ الأمر وأخرج عن أبي سعيد لا وضوء إلا من اللبن لأنه يخرج من بين فرث ودم، وأخرج عن أبي هريرة «لا وضوء إلا من اللبن»، والثاني الاستحباب وهو مسلك الجمهور، والثالث ترك الاستحباب وإليه أشار ابن أبي شيبة في تبويبه بلفظ من كان لا يتوضأ ولا يمضمض وأخرج فيه عن طلحة سألت أبا عبد الرحمن عن الوضوء من اللبن قال من شراب سائغ للشاربين، وفي رواية كان أبو عبد الرحمن في المسجد فأتاه مدرك بن عمارة بلبن فشربه فقال مضمض فقال من أي شيء أمن السائغ الطيب إلا أنه يحتمل كما أفاده الشيخ أن يرجع قول الترمذي وهذا عندنا ولم ير بعضهم إلى قول واحد وهو عدم الوجوب مع بقاء الاستحباب فيكون مؤدي كلام المصنف مذهبان الوجوب والاستحباب ويشير إلى الاختلاف تبويب أبي داؤد إذ بوب أولاً باب الوضوء من اللبن ثم عقبه بقوله باب الرخصة في ذلك فتأمل.