للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر من نساء الجنة ومن رجال النار أيضًا.

قوله [إن أهون أهل النار عذابًا إلخ] قيل (١): إنما هو أبو طالب خفف عنه العذاب لنصرته النبي صلى الله عليه وسلم، واختلفت الروايات (٢) فيه فقد ورد في


(١) قال ابن التين: يحتمل أن يراد به أبو طالب، قال الحافظ: وقد بينت في قصة أبي طالب من المبعث النبوي أنه وقع في حديث ابن عباس عند مسلم التصريح بذلك ولفظه: أهون أهل النار عذابًا أبو طالب، انتهى.
(٢) فقد أخرج البخاري برواية أبي سعيد الخدري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وذكر عنده عمه أبو طالب فقال: لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من النار يبلغ كعبيه يغلي منه أم دماغه، قال الحافظ: ظهر من حديث العباس وقوع هذا الترجي، واستشكل قوله صلى الله عليه وسلم: تنفعه شفاعتي بقوله تعالى {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} وأجيب بأنه خص ولذلك عدوه في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: معنى المنفعة في الآية تخالف معنى المنفعة في الحديث، والمراد بها في الآية الإخراج من النار، وفي الحديث المنفعة بالتخفيف، وبهذا الجواب جزم القرطبي. وقال البيهقي: صحت الرواية في شأن أبي طالب فلا معنى للإنكار، فيجوز أن يخص منه من ثبت الخبر بتخصيصه، قال: وحمله بعض أهل النظر على أن جزاء الكافر من العذاب يقع على كفره وعلى معاصيه، فيجوز أن الله يضع عن بعض الكفار بعض جزاء معاصيه تطييبًا لقلب الشافع لأثوابًا للكافر، لأن حسناته صارت بموته على الكفر هباء، ويجاب أيضًا أن المخفف عنه لما لم يجد أثر التخفيف فكأنه لم ينتفع بذلك، ويؤيد ذلك ما ورد أنه يعتقد أن ليس في النار أشد عذابًا منه، وذلك أن القليل من عذاب جهنم لا تطيقه الجبال، فالمعذب لاشتغاله بما هو فيه يصدق عليه أنه لم يحصل له انتفاع بالتخفيف. وقال القرطبي: اختلف في هذه الشفاعة هل هي بلسان قولي أو بلسان حالي والأول يشكل بالآية، وجوابه جواز التخصيص، والثاني يكون معناه أنا أبا طالب لما بالغ في إكرام النبي صلى الله عليه وسلم والذب عنه جوزى على ذلك بالتخفيف، فأطلق على ذلك شفاعة لكونها بسببه، انتهى. زاد في الإرشاد الرضى في تقرير هذا الحديث أن ما ألف السيوطي من الرسائل في إسلام والدي النبي صلى الله عليه وسلم وجزم في بعضها بأنهما ماتا على الملة الإبراهيمية، ومال في بعضها إلى إسلامهما بعد إحيائهما، وغير ذلك، تأباه النصوص، والحق عند مشايخنا أنهما ماتا على الكفر كما جزم به في الفقه الأكبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>