(٢) قال القاري: ثانيتها في هذه الرواية وإن ذكر في روايات أخر باعتبار التسمية ليشمل الذكور والإناث، أو فرارًا من شركة لفظ رب العباد، وإن جوز إطلاقه على غيره تعالى بالإضافة دون التعريف، أو أراد البنت فيعرف الابن بالأولى، والإضافة إما لأجل أنه سبب عتقها، أو لأنه ولد ربها أو مولاها بعد الأب، وفسر هذا القول كثير من الناس بأن السبى يكثر بعد اتساع رفعة الإسلام فيستولد الناس إماءهم فيكون الولد كالسيد لأمه لأن ملكها راجع إليه، وذلك إشارة إلى قوة الدين، واستيلاء المسلمين، وهي من الأمارات لأن بلوغ الغاية منذر بالتراجع، والانحطاط المؤذن بقيام الساعة، أو إلى أن الأعزة تصير أذلة لأن الأم مربية للولد، فإذا صار الولد ربها سيما إذا كان بنتًا ينقلب الأمر، كما أن القرينة الثانية على عكس ذلك، وهي أن الأذلة ينقلبون ملوك الأرض، فيتلاءم المعطوفان، وهذا إخبار بتغير الزمان، وانقلاب أحوال الناس، وقيل: معناه أن الإماء تلدن الملوك، فتكون أمة من جملة رعيته، ويقرب منه القول بأن السبي إذا كثر قد يسبى الولد صغيرًا ثم يعتق ويصير رئيسًا بل ملكًا، ثم تسبى أمه فيشريها عالمًا أو جاهلاً، ثم يستخدمها وقد يطؤها، وقيل: معناه فساد الأحوال بكثرة بيع أمهات الأولاد فتردد في أيدي المشترين حتى يشتريها ابنها ويطأها وهو لا يعلم، ويؤيده رواية بعلها وإن فسر بسيدها، وقيل: معناه الإشارة إلى كثرة عقوق الأولاد، فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الخدمة وغيرها، وخص بولد الأمة لأن العقوق فيهن أغلب.