للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراقبة حسن الإحسان، وقوله الآتي: فإن لم تكن تراه فإنه يراك، بينه (١) الشارحون بحيث تكون مرتبته أدون من التي قبلها، فقالوا: وإن لم تقدر على ذلك فاعبده كأنه يراك. وهذا بعيد، أما أولاً فلأن المراقبة في ذلك أشد، لأنه تبارك وتعالى لما كان ناظرًا إليه ورائيًا حاله، وراقب العبد ذلك اشتد أمر الإحسان وزاد فيه، لا أنه يكون مرتبة دونى نسبة إلى الأولى، وأما ثانيًا فلأن المناسب حينئذ هو أن يقال كأنه يراك وهذا غير صحيح، بل الرؤية منه سبحانه محققة قطعية، إلا أن يقال: المقصود أنه تعالى وإن كان رائيًا حاله إلا أن الواجب على العابد مراعاة رؤيته، والمراعاة غير متحققة قطعًا، ومع ذلك ففيه بعد كما لا يخفى، فقوله هذا ليس إلا دليلاً على القول الأول، يعني أن المرأ إذا استبعد رؤيته الرب تبارك

و


(١) كما يظهر مما بسطه القاري، وحكاه في الإرشاد الرضى عن الشيخ عبد الحق المحدث، وكذا قال غيرهما، وبسط العيني في أنواع الإحسان فارجع إليه لو شئت، وحاصل ما أفاده الشيخ أن قوله صلى الله عليه وسلم: فإن لم تكن تراه لو كان مرتبة ثانية أدون من الأولى كان حق العبارة أن يقول: فإن لم تكن كأنك تراه فاعبده كأنه يراك، لأن المنفي إذ ذاك لابد أن يكون هو المثبت أولاً، ولم يذكره الشيخ لظهوره، وأيضَا لا يصح هذا الكلام لأن رؤيته تعالى متحققة لا محالة فكيف كأنه يراك. فالصواب أن يقال إنه ليس بمرتبة أدون من الأولى، بل هو دليل وتصوير للكلام السابق إذ كان يشكل عليه أن رؤية العبد إياه تبارك وتعالى محال في الدنيا فكيف يمكن لأحد أن يصوره، فبين صورته بأن تصور أن الله عز اسمه يراه في كل وقت يؤدي إلى الصورة الأولى، فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>