القلب إيمان، وباعتبار ظهور آثار إسلام، فهما متلازمان أو هما واحد، فإن المرأ إذا أقر بما يجب إقراره وأيقنه بقلبه فهو مؤمن ومسلم وإن لم يصل ولم يصم، وقوله عليه السلام أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله إلخ مشعر بإقراره بأركان الإسلام بأسرها، فإنه لما صدق الرسل وآمن بالكتب فإنه يقر بما فيها لا جرم، وكذلك بما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قوله عليه السلام في بيان الإسلام: إقام الصلاة وإيتاء الزكاة ليس المناط فيه على إتيانها، بل المذكور في الإسلام إنما هو الإقرار بها، فالمقر المقصر آت بها حكمًا وملحق بالذي يأتي بها، فلم يكن بين الإسلام والإيمان فرق، وإن أخذ الكامل منهما كان التلازم بينهما أظهر، فإن الإيمان الكامل لا يجوز ترك الأعمال، والإسلام الكامل لا يتصور بدون الاعتقاد بالمعتقدات، هذا والله الهادي إلى سواء السبيل. وهو حسبي ونعم الوكيل.
قوله [فما الإحسان] لما فرغ عن السؤال عما لابد منه لكل مؤمن مسلم أخذ في السؤال عما هو درجة الكمل، فإن إحسان كل شيء هو الإتقان فيه، ومراتبه متفاوتة، فإن إحسان الأنبياء والأولياء والصديقين والشهداء وغيرهم أنواع متفاوتة.
قوله [أن تعبد الله كأنك (١) تراه] وهذا جامع لمراتب الإحسان فكلما زاد
(١) قال القاري: مفعول مطلق أي عبادة شبيهة بعبادتك حين تراه، أو حال من الفاعل أي حال كونك مشبهًا بمن ينظر إلى الله خوفًا منه وحياء، وهذا من جوامع الكلم فإن العبد إذا قام بين يدي مولاه لم يترك شيئًا مما قدر عليه من إحسان العمل، ولا يلتفت إلى ما سواه، انتهى.