للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعجب من علماء المدنية لا يمنعون من اتخاذها وبيعها وشرائها، فلذا يعظهم ويؤبخهم على ترك العظة وارتكاب الغفلة حتى شاع بين عامتهم مثل هذه. قوله [لعن الواشمات والمستوشمات] وتغيير الخلق في ذلك ظاهر، ووجه النهي (١) في المتنمصات والواصلات تغرير الخلق مع تغيير خلق الله، فكانت نساء العرب تغالي مهورها على السن والجمال، كما تغالي على النسب والكمال، وفي الوصل وكذا التنمص تلبيس السنن، وكذلك ففيهما إظهار ما ليس فيها من الجمال، فلا بأسا بأخذ ما نبت (٢) عليها من الشعر إذا لم يك فيه تغرير لأحد، وأما


(١) قال الخطابي: إنما ورد الوعيد الشديد في هذه الأشياء لما فيها من الغش والخداع وتغيير الخلقة وإلى ذلك الإشارة في حديث ابن مسعود بقوله: المغيرات خلق الله، هكذا في الفتح، وقال الحافظ: هذه الأحاديث حجة لمن قال يحرم الوصل في الشعر والوشم والنمص على الفاعل والمفعول به، وحجة على من حمل النهي فيه على التنزيه، لأن دلالة اللمس على التحريم من أقوى الدلالات، انتهى.
(٢) قال الطبري: لا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقصان التماسًا للحسن لا للزوج ولا لغيره، كمن تكون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما توهم البلج أو عكسه، ويستثنى من ذلك ما يحصل به الضرر والأذية كمن يكون لها سن زائدة أو طويلة تعيقها في الأكل، وقال النووي: يستثنى من النماص ما إذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة فلا يحرم عليها إزالتها بل يستحب، قال الحافظ: وإطلاقه مقيد بإذن الزوج وقال بعض الحنابلة: إن كان النمص أشهر شعارًا للفواجر امتنع، وإلا فيكون تنزيهًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>