للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [وكعب بن مالك بين يديه] ولا ضير فيه فإنه يمكن الجمع بين الروايتين، فلعل أحدهما أنشد في غير زمان إنشاد الآخر أو في غير مكانه، ولا يصح (١) قول الترمذي بأن هذا أصح فإن غزوة موتة كانت بعد هذه، وكان عبد الله بن رواحة لم يقتل حين جاموا لعمرة القضاء.

قوله [ويأتيك بالأخبار من لم تزود] وهي الأيام، فإن التجارب بطول الأيام تفيد عجائب، وليست تزود منك، ونسبة (٢) هذا الشعر إلى ابن رواحة


(١) فقد قال الحافظ في الفتح بعد ما حكى قول الترمذي: هذا هو ذهول شديد وغلط مردود، ما أدري كيف وقع الترمذي في ذلك مع وفور معرفته، ومع أن في قصة عمرة القضاء اختصام جعفر وأخيه علي وزيد ابن حارثة في بنت حمزة، وجعفر قتل هو وزيد وابن رواحة في موطن واحد، وكيف يخفي على الترمذي هذا، قال: ثم وجدت عن بعضهم أن الذي عند الترمذي من حديث أنس أن ذلك كان في فتح مكة، فإن كان كذلك فاتجه اعتراضه، لكن الموجود بخط الكروخي راوي الترمذي ما تقدم، والله أعلم، انتهى. قلت: وكذلك عامة أهل السير والتاريخ ذكروا سرية موته بعد الرجوع عن عمرة القضاء، ولذا ترجم البخاري بهذه السرية بعد عمرة القضاء، وكانت في ذي القعدة سنة سبع، وأقام النبي صلى الله عليه وسلم بعدها عدة أشهر وبعث سرية موتة في جمادى الأولى سنة ثمان، وأيضًا فعامة أهل السير حكوا في عمرة القضاء هذه الأبيات عن ابن رواحة لا كعب بن مالك، وكذلك عامة أهل التراجم ذكروها في ترجمة ابن رواحة، فالظاهر التسامح من المؤلف.
(٢) فإن ظاهر سياق المصنف يدل على أن هذا الشعر لابن رواحة ويقوي الإشكال ما في نسخه للشمائل، فإن المصنف أخرج هذا الحديث بهذا السند والمتن في شمائله وفيه نسختان: إحداهما يتمثل بشعر ابن رواحة ويتمثل ويقول. ويأتيك إلخ وفي أخراهما يتمثل بشعر ابن رواحة ويتمثل بقوله: ويأتيك إلخ، قال القارئ: الظاهر المتبادر أن هذا البيت من كلام ابن رواحة لا سيما على ما في نسخة (ويتمثل بقوله) وقد اتفقوا على أنه من شعر طرفة بن العبد في قصيدته المعلقة، والجواب أنه كلام برأسه والضمير المجرور لقائل، أو شاعر مشهور به معروف عندهم، انتهى، قلت: ويؤيده ما سيأتي من رواية أبي الليث السمرقندي من أن عائشة عزته إلى طرفة، فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>