(٢) اختلفوا في وجه الشبه في هذا التشبيه، وكلام الشيخ يشير إلى أنه جامع لأمور كثيرة، قال العيني: أما وجه الشبه فقد اختلفوا فيه، فقال بعضهم: هو كثرة خيرها، ودوام ظلها وطيب ثمرها، ووجودها على الدوام، فإنه من حين يطلع ثمرها لا يزال يؤكل منه حتى ييبس، وبعد أن ييبس يتخذ منها منافع كثيرة من خشبها وورقها وأغصانها، فيستعمل جذوعًا وحطبًا وعصيًا ومحاضر وحصرًا، وغير ذلك مما ينتفع به من أجزائها، ثم آخرها نواها ينتفع به علفًا للإبل وغيرها، ثم جمال نباتها وحسن ثمرتها، وهي كلها منافع وخير وجمال، وكذلك المؤمن خير كله من كثرة طاعاته ومكارم أخلاقه، ومواظبته على صلاته وصيامه، وذكره والصدقة وسائر الطاعات، هذا هو الصحيح في وجه الشبه، وقال بعضهم: وجه التشبيه أن النخلة إذا قطعت رأسها ماتت بخلاف باقي الشجرة، وقال بعضهم: لأنها لا تحمل حتى تلقح، وقال بعضهم: لأنها تموت إذا مزقت أو فسد ما هو كالقلب لها، وقال بعضهم: لأن لطلعها رائحة المنى، وقال بعضهم: لأنها تعشق كالإنسان، وهذه الأقوال كلها ضعيفة من حيث أن التشبيه إنما وقع بالمسلم وهذه المعاني تشمل المسلم والكافر.