بأن العفو عن الظالم ظلم على المظلوم، وإن كان منًا على الظالم ساقط، فإن الله تعالى لا يغفر لهم إلا بعد أن يعد للمظلومين أجورًا ونعمًا حذاء من عند نفسه، ولكن الاستدلال لا يتم بعد، فإن المقصود -وهو أن الحج يغتفر فيه الحقوق بأسرها وتنمحي الذنوب عن آخرها- لم يثبت (١) بعد، إذ غاية ما ثبت بهذه الرواية
(١) إلا أن عموم الروايات الكثيرة تدل على ذلك كما سيأتي في كلام الشيخ أيضًا، وقد تقدم ذكر بعضها، وفي الترغيب عن أبي هريرة مرفوعًا: من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، رواه الشيخان والنسائي وابن ماجة والترمذي، إلا أنه قال: غفر له ما تقدم من ذنبه، وعنه مرفوعًا: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، رواه مالك والستة إلا أبا داؤد، وعن ابن مسعود مرفوعًا: تابعوا بين الحج، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكير خبث الحديد، رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما، ورواه ابن ماجة والبيهقي من حديث عمر، وعن عبد الله بن جراد مرفوعًا: حجوا فإن الحج يغسل الذنوب كما يغسل الماء الدرن، رواه الطبراني في الأوسط، وعن أبي هريرة مرفوعًا: يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج، رواه البزار والطبراني في الصغير، وعن سهل بن سعد مرفوعًا: ما راح مسلم في سبيل الله مجاهدًا أو حاجًا مهللاً أو ملبيًا، إلا غربت الشمس بذنوبه وخرج منها، رواه الطبراني في الأوسط، وعن عائشة مرفوعًا: من خرج في هذا الوجه لحج أو عمرة فمات لم يعرض ولم يحاسب، وقيل له: ادخل الجنة! رواه الطبراني وأبو يعلى والبيهقي والدارقطني، وعن جابر مرفوعًا: من مات في طريق مكة ذاهبًا أو راجعًا لم يعرض ولم يحاسب أو غفر له، وغير ذلك من الروايات.