للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [مثل أمتي مثل المطر إلخ] ذهب ابن عبد البر (١) إلى ظاهره فقال: لا يمتنع أن يكون في آخر الأمة من يفضل على بعض الصحابة رضي الله عنهم، والجمهور على خلافه، ولهم روايات كثيرة تثبت مرامهم، منها قوله (٢) صلى الله عليه وسلم: خير القرون قرني إلخ، ومنها ما ورد (٣): لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مدهم أو نصيفه،


(١) فقد قال الحافظ تحت حديث القرون: اقتضى هذا الحديث أن تكون الصحابة أفضل من التابعين، والتابعون أفضل من أتباع التابعين، لكن هل هذه الأفضلية بالنسبة إلى المجموع أو الأفراد؟ محل بحث، وإلى الثاني نحا الجمهور، والأول قول ابن عبد البر، والذي يظهر أن من قاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم أو في زمانه بأمره أو أنفق شيئًا من ماله بسببه لا يعدله في الفضل أحد بعده كائنا من كان، وأما من لم يقع له ذلك فهو محل البحت، والأصل في ذلك قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} الآية. واحتج ابن عبد البر بحديث: مثل أمتي مثل المطر، الحديث، وهو حديث حسن له طرق قد يرتقي بها إلى الصحة، وأغرب النووي فعزاه في فتاواه إلى مسند أبي يعلى من حديث أنس بإسناد ضعيف مع أنه عند الترمذي بإسناد أقوى منه من حديث أنس وصححه من حديث عمار، انتهى. ثم ذكر الحافظ مستدلات ابن عبد البر والأجوبة عنها، سيأتي تمامها في أبواب المناقب.
(٢) قال الحافظ في مبدأ الإصابة: تواتر عنه صلى الله عليه وسلم قوله: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» انتهى.
(٣) ذكر الشيخ الرواية بالمعنى، وقد وردت بطرق عديدة وألفاظ مختلفة ذكرها السيوطي تحت قوله عن اسمه: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} الآية. والمشهور منها ما أخرجه ابن أبي شيبة والشيخان وأبو داؤد والترمذي عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبًا ما أدرك مد أحدهم ولا تصيفه» انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>