للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بادي بدء (١) ليكون أوقع في النفس، وكذا ما في الرواية الآتية وهي: إني سأقرأ عليكم إلخ لما أنه لو ذكر ذلك لهم أولًا لم يقع وقوعه بعد إمعانهم وترددهم فيه قوله [ادخل على يمين الجنة] لما كانت الجنة عن يمين العرش والنار عن يساره، وكان الرجل وقت الخطاب والكلام معه سبحانه مستقبل العرش كانت الجنة عن يساره والنار عن يمينه، لكنه حين يترخص عن ذلك الجناب ليدخل الجنة تصير الجنة عن يمينه فصح (٢) قوله: ادخل على يمينك الجنة.

قوله [إني لأرى هذا خبر جاءه الخ] أي دخوله صلى الله عليه وسلم في بيته لعله (٣) لأمر نزل وحيًا.


(١) إن لم يكن بأول بدء فهو في معناه، يقال: بادي الرأي أي أوله.
(٢) وهذا أظهر طباقًا بألفاظ الحديث، وقال القاري: حال من فاعل ادخل، فطابق هذا قوله: فنام على يمينه، أي فأنت اليوم من أصحاب اليمين فادخل من جهة يمينك الجنة، وفي الحديث إشارة إلى أن بساتين الجنة وقصورها التي في جهة اليمين أفضل من التي في جانب اليسار، وإن كانت الجهتان يمينًا، وفيه إيماء إلى أن أصحاب الجنة أصناف ثلاثة: مقربون وهم أصحاب عليين. وأبرارهم أصحاب اليمين، وعصاة مغفورون أصحاب اليسار، ويقتبس من قوله تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ} الآية [فاطر: ٣٢]، انتهى.
(٣) ولفظ مسلم أوضح منه، وهو: فقال بعضنا لبعض: إني أرى هذا خبر جاءه من السماء، فذلك الذي أدخله، الحديث. قال النووي: احتشدوا أي اجتمعوا، انتهى. وفي المجمع: أي اجتمعوا واستحضروا الناس، والحشد الجماعة منهم، واحتشد القوم لفلان تجمعوا له وتأهبوا، انتهى. وفي هامشه: بابه كضرب ونصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>