(٢) قال القاري: الحبل مستعار للوصل، ولكل ما يتوصل به إلى شيء، أي الوسيلة القوية إلى معرفة ربه وسعادة قربه، وهو مقتبس من قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا} [آل عمران: ١٠٣]. (٣) قال القاري: لا تزيغ بالتأنيث والتذكير أي لا تميل عن الحق به، أي باتباعه الأهواء أي الهوى إذا وافق هذا الهدى حفظ من الردى، وقيل: معناه لا يصير به مبتدعًا ضالًا، لا يقال: قبل للشيخ أبي إسحاق الكازروني: إن أهل البدعة أيضًا يستدلون بالقرآن كما أهل السنة يحتجون به، فقال: قال تعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا} [البقرة: ٢٦]، لأنا نقول: سبب الإضلال عدم الاستدلال به على وجه الكمال، فإن أهل الأهواء تركوا الأحاديث النبوية التي هي مبينة للمقاصد القرآنية، ولذا قال جنيد: من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدي به، ومن دخل في طريقتنا بغير علم، واستمر قانعًا بجهله، فهو ضحكة للشيطان مسخرة له، وقال الطيبي: أي لا يقدر أهل الأهواء على تبديله وتغييره وإمالته، فهو إشارة إلى وقوع تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فالباء لتعدية، وقيل: الرواية من الإزاغة بمعنى الإمالة، والباء لتأكيد التعدية، انتهى. قلت: هذا هو الظاهر، ولا يرد عليه إشكال، وما أفاده الشيخ دقيق ولطيف، ومعنى قوله: إذا تليت بالقرآن أي إذا اتبعت الأهواء القرآن يعني تكون الأهواء تبعًا للقرآن، فيكون الحديث بمعنى ما في المشكاة برواية شرح السنة عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به، انتهى.