تكثيركم التلاوة، فالقليلة بكيفيتها تربو على الكثيرة في الكم. والله المعين على طاعاته والمسئول لسلوك سبل مرضاته.
وقله [فان منزلتك عند آخر آية تقرأ بها] ولما كانت درجات (١) الجنان
(١) قال القاري: وقد ورد في الحديث أن درجات الجنة على عدد آيات القرآن، وجاء في حديث من أهل (كذا في الأصل) القرآن فليس فوقه درجة، فالقراء يتصاعدون بقدرها، قال الداني: وأجمعوا على أن عدد آي القرآن ستة آلاف آية، ثم اختلفوا في ما زاد فقبل: ومائتا آية وأربع آيات، وقيل: وست وثلاثون، وقيل: غير ذلك، وقال الطيبي: وقيل: المراد أن الترقي يكون دائماً، فكما أن قراءته في حال الاختتام استدعت الافتتاح الذي لا انقطاع له كذلك هذه القراءة، والترقي في المنازل التي لا تتناهى، وهذه القراءة لهم كالتسبيح للملائكة لا تشغلهم من مستلذاتهم بل هي أعظم مستلذاتهم، وقال ابن حجر: يؤخذ من الحديث أنه لا ينال هذا الثواب الأعظم إلا من حفظ القرآن، وأتقن أداءه وقراءاته، ثم بسط القاري في القرائن على أن المراد منه الحافظ، منها ما في رواية أحمد بلفظ فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ شيئاً معهن قال: فقوله معه صريح في أنه حافظه، وقال الطيبي: والمنزلة التي في الحديث هي ما يناله العبد من الكرامة على حسب منزلته في الحفظ والتلاوة لا غير، وذلك لما عرفنا من أصل الدين أن العامل بكتاب الله المتدبر له أفضل من الحافظ، والتالي إذا لم ينل شأنه في العمل، وقد كان في الصحابة من هو أحفظ من الصديق رضي الله تعالى عنه، وأكثر تلاوة منه، وكان هو أفضلهم على الإطلاق لسبقته عليهم في العلم بالله وبكتابة وتدبره، وإن ذهبنا إلى الثاني وهو أحق الوجهين فالمراد من الدرجات سائرها، وحينئذ تقدر تلاوة في القيامة على قدر العمل فلا يستطيع أحد أن يتلو آية إلا وقد أقام ما يجب عليها فيها، انتهى.