للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة إلخ] أراد بالصدقة النقل، وصدقة السر أفضل (١) فيه من صدقة العلانية.

قوله [لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل إلخ] اختلفت الروايات (٢) فيما كان يقرأه النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل منامه، ولا تدافع فيما بينها فان الرواية المثبتة لقراءة سورة لا تنفي قراءة ما عداها، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ أحياناً هذه وأحياناً هذه، ويجمع أحياناً فيما بينها كلها.


(١) هذا هو المعروف عن أكابر الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، فقد روى عن ابن عباس في تفسير قوله عز اسمه "إن تبدوا الصدقات فنعما هي، وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم" الآية، قال: فجعل الله صدقة السر في التطوع تفضل على علانيتها سبعين ضعفاً، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفاً، وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها، ذكره السيوطي في الدر برواية ابن جرير وغيره، وذكر برواية البيهقي في الشعب بسند ضعيف عن ابن عمر مرفوعاً: عمل السر أفضل من العلانية، والعلانية أفضل لمن أراد الاقتداء به، وذكر روايات كثيرة في الباب، وقال الشيخ في البذل آخذا عن القاري: قال الطيبي: جاء آثار بفضيلة الجهر بالقرآن، وآثار بفضيلة الإسرار، فالجمع بأن يقال: الإسرار أفضل لمن يخاف الرياء، والجهر أفضل لمن لا يخافه بشرط أن لا يؤذي غيره من مصل أو نائم أو غيره، وذلك لأن العمل في الجهر يتعدى نفعه إلى غيره من استماع أو ذوق أو تعلم، أو كونه شعاراً للدين، ولأنه يوقظ قلب القارئ، ويجمع همه ويطرد النوم عنه، وينشط غيره للعبادة، فمتى حضر شيء من هذه النيات فالجهر أفضل، انتهى.
(٢) كما سيأتي بيانها في (باب من يقرأ القرآن عند المنام).

<<  <  ج: ص:  >  >>