للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسبعة أحرف ليس هو هذه القراءات السمع المتواترة المتداولة بين الأقوام بل الأمر في الأول كان متسعاً يقرأه كل أهل لغة بما تيسر له من السبعة، وإنما هذه السبعة ستة منها وراء لغة قرش، ونسبة الإنزال إليها مجاز، لأنه وإن كان نزل من السماء بلغة واحدة هي لغة قريش إلا أنه التحقته الإجازة بالقراءة في أي السبعة تيسر كانت الستة كالسابعة في جواز الصلاة وأجر التالي إلى غير ذلك، فكان القرآن كالمنزل على سبعة لغات، ولما كانت (١) التوسعة للسهولة عليهم


(١) كما ذكره الحافظ بحثاً أن القراءات التي لا يوافق الرسم، فهي مما كانت القراءة به جوزت توسعه على الناس وتسهيلا، فلما آل الحال إلى ما وقع من الاختلاف في زمن عثمان، وكفر بعضهم بعضاً اختار الاقتصار على اللفظ المأذون في كتباته وتركوا الباقي، قلت: وقد أخرج البخاري في صحيحة أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازى أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلى إلينا بالصحف نسخها في المصاحف ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصه إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصه، فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق، قال الحافظ: في رواية الأكثرين أن يخرق بالخاء المعجمة، ورواه الأصيلي بالوجهين والمعجمة أثبت، وفي رواية شعيب عند الطيراني وغيره: وأمرهم أن يحرقوا كل مصحف يخالف المصحف الذي أرسل به، قال: فذاك زمان حرقت المصاحف بالعراق بالنار، وفي رواية سويد بن غفلة عن على: لا تقولوا لعثمان في إحراق المصاحف إلا خيراً، ومن طريق مصعب بن سعد قال: أدركت الناس متوافرين حين حرقت عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك، أو قال: لم ينكر ذلك منهم أحد، وفي رواية أبي قلابة: فلما فرغ عثمان من المصحف كتب إلى أهل الأمصار: إني قد صنعت كذا وكذا، ومحوت ما عندي فامحوا ما عندكم، والمحو أعم أن يكون بالغسل أو التحريق، أو أكثر الروايات صريح في التحريق، ويحتمل وقوع كل منهما بحسب ما رأى من بيده شيء من ذلك، وقد جزم عياش بأنهم غسلوها بالماء ثم احرقوها مبالغة في إذهابها، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>