للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [بئسما لأحدهم إلخ] يعني لابد من (١) تعاهده والمحافظة حتى لا يقول نسيت، ويمكن أن يكون البؤس نسبة إلى نفسه، فإن فيه إساءة أدب بالقرآن، أو الوجه ذكر معاصاته والجهر بذنبه، وإنما كان عليه أن يستره.

قوله [إن القرآن انزل على سبعة إلخ] ولعل (٢) الحق في ذلك أن المراد


(١) قال القاري: قال النووي: يكره أن يقول: نسيت آية كذا، بل يقول: أنسيتها، وقال الطبي قوله: بل نسى إشارة إلى عدم تقصيره في المحافظة لكن الله أنساه لمصلحة، قال عز اسمه: {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا} الآية. وقوله نسيت يدل على أنه لم يتعاهد القرآن، وقال غيره: يحتمل أن هذا خاص بزماته -صلى الله عليه وسلم- ويكون معنى قوله نسى أي نسخت تلاوته، نهاهم عن هذا القول لئلا يتوهم الضياع على محكم القرآن، وقال ابن حجر: إن الله سبحانه هو الذي أنساها له بسبب منه تارة بأن ترك تعه القرآن، فان ترك تعده سبب في نسيانه عادة= =لا يسبب منه أخرى، وقال أبو عبيدة: أما الحريص على حفظ القرآن الذي يدأب لكن النسيان يغلبه فلا يدخل في هذا الحكم، وقيل: معنى نسى عوقب بالنسيان على ذنب أو سوء تعهد بالقرآن، وهو مأخوذ من قوله تعالى: {أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} انتهى.
(٢) هذا الحديث من أهم الأحاديث بحثا وتحقيقاً وتنقيحاً، وأطال الشراح في تنقيره قديماً وحديثاً، وأجمل الكلام على ذلك في الأوجز في عشرة أبحاث لطيفة هي زبدة أقوالهم، وعطر أزهارهم: الأول في المراد بالأحرف السبعة، وفيه أقوال كثيرة حتى بلغها القاري إلى أحد وأربعين قولا، والثاني في أن لفظ السبعة للاحتراز أو لمجرد التكثير، والثالث في المرجح من الأقوال المذكورة، والرابع في أن اللغات المذكورة لجميع العرب أو لقبائل خاصة، الخامس أن التغيير بين هذه السبعة كان مقصورا على السماع أو كان الخيار لهم على حسب ما شؤا، السادس متى ورد التخفيف والتيسير بهذه السبعة، السابع هل هي السبعة باقية إلى الآن أو ذهبت، الثامن ذهاب السبعة واستقرار الأمر كان في زمنه -صلى الله عليه وسلم- أو بعده، التاسع القراءات السبع المتعارفة المتداولة في هذا الزمان هل يمكن أن يفسر بها الحديث أم لا، العاشر أن الأحرف السبعة المنزل بها القرآن هل هي مجموعة في المصحف الذي بأيدينا أو ليس فيها إلا حرف واحد، فهذه عشرة أبحاث بسطت في الأوجز، فلو كان لك فراغ من التنزه في البساتين والتمشي بين الدكاكين، فارجع إليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>