للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلاف ما بين المسلمين جمعة عثمان رضي الله عنه على لغة قريش، وأخذ سائر الصحف المكتوبة في غير لغاتهم فغسلهم، ولم يبق شيء منها موجوداً، ولما كان ذلك بإجماع من صحابة هذا العصر وتابعيهم، كان واجب الإتباع لكل من نشأ بعدهم، فلو قرأ بعد ذلك (١) قارئ قرآن على حسب شيء من هذه القراءات لم تصح (٢) صلاته، ولا يتوهم أن الإجماع المذكور وقع ناسخا للسنة، فكيف


(١) قال البغوي في شرح السنة: المصحف الذي استقر عليه الأمر هو آخر العرضات على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأمر عثمان بنسخة في المصاحف، وجمع الناس عليه، وأذهب ما سوى ذلك قطعا لمادة الخلاف، فصار ما يخالف خط المصحف في حكم المنسوخ والمرفوع كسائر ما نسخ ورفع، فليس لأحد أن يعدو في اللفظ إلى ما هو خارج عن الرسم، هكذا في الفتح.
(٢) أي تفسد صلاته، أو لا تصح الصلاة لعدم القراءة المعتبرة قولان، وتوضيح ذلك ما في الدر المختار: قرأ بالفارسية أو التوراة أو الإنجيل إن قصة تفسيد، وإن ذكراً لا، وألحق به في البحر الشاذ، لكن في النهر: الأوجه أنه لا يفسد ولا يجزئ، قال ابن عابدين: قوله لكن في النهر الخ حيث قال: عندي بينهما فرق، وذلك أن الفارسي ليس قرآ أصلا لانصرافه في عرف الشرع إلى العربي، فإذا قرأ قصة صار متكلماً بكلام الناس بخلاف الشاذ فأنه قرآن، إلا أن في قرآنيته شكاً فلا تفسد ولو قصة وحكرا الاتفاق فيه على عدمه، فالأوجه ما في المحيط من تأويله قول شمس الأئمة بالفساد بما إذا اقتصر عليه، انتهى. أي فيكون الفساد لتركه القراءة بالمتواترة لا للقراءة بالشاذ، لكن يرد عليه أن القرآن هو ما لا شك فيه، وأن الصلاة يمنع فيها عن غير القراءة والذكر قطعًا، وما كان قصة ولم تثبت قرآنيته لم يكن قراءة ولا ذكراً فيفسد، بخلاف ما إذا كان ذكراً فإنه وإن لم تثبت قرآنيته لم يكن كلامًا، لكن إن اقتصر عليه تفسد، ثم القرآن الذي تجوز به الصلاة بالاتفاق هو المضبوط في المصاحف الأئمة التي بعث بها عثمان إلى الأمصار، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>