للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فنون القرآن، كالإعراب أو استنباط الأحكام، يجب أن لا يكون عريًا من هذا الفن، فلو تصدى لذلك وهو جاهل به كان مستحقًا للوعيد وإن كان مصيبًا في مقاله. قوله [برأيه] محمله (١) ما قلناه من قبل، فمن استنبط (٢) من


(١) فقد قال البيهقي: المراد رأي غلب من غير دليل قام عليه، أما ما يشده برهان فلا محذور فيه، قال الماوردي: حمل بعض المتورعة هذا الحديث على ظاهره، وامتنع من أن يستنبط معاني القرآن باجتهاده، وإن صحبها شواهد سالمة عن المعارض، وهذا عدول عما تعبدنا بمعرفته من النظر في القرآن، واستنباط الأحكام منه، كما قال تعالى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}، وفي حديث أبي نعيم وغيره: القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على أحسن وجوهه، ومعنى ذلول سهل حفظه وفهمه حتى لا يقصر عنه أفهام المجتهدين، كذا في المرقاة.
(٢) قال في المجمع: لا يجوز أن يراد أن لا يتكلم أحد في القرآن إلا بما سمعه فإن الصحابة قد فسروه، واختلفوا فيه على وجوه، وليس كل ما قالوه سمعوه منه صلى الله عليه وسلم، ولأنه لا يفيد حينئذ دعاؤه الله فقهه في الدين، وعلمه= =التأويل، فالنهي لوجهين: أحدهما أن يكون له رأي، وإليه ميل من طبعه وهواه، فيتأول على وفقه ليحتج على تصحيح غرضه، وهذا قد يكون مع علمه أن ليس المراد بالآية ذلك، ولكن يلبس على خصمه، وقد يكون مع جهله بأن يكون الآية محتملة له، لكن رجحه لرأيه، ولولاه لما يترجح ذلك الوجه له، وقد يكون له غرض صحيح كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي، ويستدل بقوله {اذْهَبْ إلَى فِرْعَوْنَ إنَّهُ طَغَى} ويشير إلى قلبه، والثاني أن يتسارع إلى التفسير لظاهر العربية من غير استظهار بالسماع في غرائبه ومبهماته، وفيما فيه من الحذف والتقديم وما عداهما، فلا وجه للمنع فيه، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>