الكتاب حكمًا بعد ملاحظة الأصول مطابقًا للقواعد الشرعية لا يكون ممن قال فيه برأيه، فإنما استناده إلى ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا وجب حمل قوله بعد ذلك: وهكذا روى عن بعض أهل العلم إلى آخر ما قال، لأن إثبات النقل في عين ما فسروه به عسير جداً، فيحمل على أنهم سمعوا تلك الأصول والقواعد التي فسروا الكتاب على طبقها، وقول قتادة:(إلا وقد سمعت فيها شيئًا) لا ينافي ما قلنا، فإنه لم يثبت أنه لم يتكلم في كل آية إلا بقدر ما سمعه منه، بل الثابت أنني سمعت في كل آية شيئًا، وإن كان يجوز أن يذكر في بعض الآيات زيادة على الذي سمعه، وبالجملة فالحمل على ما ذهبنا إليه أسلم من التكلفات، وأجمع بين الروايات، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث علي الذي خاطب به الأعور (١): إنه لا تنقضي عجائبه، فلو كان المدار هو النقل لم يكن لهذا معنى،
(١) كما تقدم قريبًا عند المصنف بلفظ: لا تشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، الحديث، وفي الترغيب برواية الحاكم عن ابن مسعود مرفوعًا: إن هذا القرآن مأدبة الله، فاقبلوا مأدبته، الحديث. وفيه: ولا تنقضي عجائبه، وتقدم في كلام القاري وغيره أيضًا ما يستدل به على ذلك.