قوله [لم أحتج أن أسأل ابن عباس إلخ] يعني أن تأليف ابن مسعود كان (١) على حسب النزول، فما كان ناسخًا كان في الترتيب بعد المنسوخ، فكان يعلم من غير المسألة أيها ناسخ وأيها منسوخ، وكذلك بعض الكلمات كانت في قراءة ابن مسعود بحيث يفسر ما أبهم كما في قوله في الصوم:[فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ متتابعات]، وقوله في القطع:[والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أيمانهما] ووجه ذكر المؤلف هذا القول من مجاهد هاهنا لإثبات النقل عن ابن عباس كما قال في كثير مما سألت،
(١) ويؤيد ذلك ما أخرجه الحاكم بعدة طرق مرفوعًا: من سره أن يقرأ القرآن كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد، وفي لفظ: من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد، وأخرج الحاكم بسنده عن ابن عباس قال: أي القراءتين ترون كان آخر القراءة؟ قالوا: قراءة زيد، قال: لا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن كل سنة على جبرئيل عليه السلام، فلما كانت السنة التي قبض فيها عرضه عليه عرضتين، فكانت قراءة ابن مسعود آخرهن، هذا حديث صحيح الإسناد. ورجح الحافظ في الفتح أن عرضة جبرئيل كانت على ترتيب النزول لكن مع هذا كله فقد جزم الحافظ بنفسه أن ترتيب مصحف ابن مسعود لم يكن على ترتيب النزول، بل كان أوله= =الفاتحة، ثم البقرة، ثم النساء، ثم آل عمران، وهكذا جزم السيوطي في الإتقان، وحكى ترتيب سوره مفصلاً، وقالا: إن مصحف علي كان على ترتيب النزول، فالظاهر أن معنى قول مجاهد ما ذكره الشيخ ثانيًا من أنها كانت مفسرة، انتهى.