قوله [وإني لأرجو (١) أن يجعل الله يده في يدي] أراد بذلك مبايعته،
(١) فإنه صلى الله عليه وسلم كان يحب إسلام رؤساء الأقوام، ليكون سببًا لإسلام أتباعهم، وكان عدي هذا ابن حاتم الطائي الجواد المشهور الذي يضرب به المثل في الجود والكرم، كما في أسد الغابة، وحكى من قصة إسلامه قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعث فكرهته أشد ما كرهت شيئًا قط، فانطلقت حتى كنت في أقصى الأرض مما يلي الروم، فكرهت مكاني ذلك أشد مما كرهته، فقلت: لو أتيت هذا الرجل، فإن كان كاذبًا لم يخف علي، وإن كان صادقًا اتبعته، فأقبلت، فلما قدمت المدينة استشرفني الناس، وقالوا: عدي بن حاتم عدي بن حاتم، فقال لي: يا عدي أسلم تسلم، قلت: إن لي دينًا، قال: أنا أعلم بدينك منك، قلت: أنت أعلم بديني مني، قال: نعم، مرتين أو ثلاثًا، قال: ألست تأكل المرباع؟ قلت: بلى، قال: فإن ذلك لا يحل لك في دينك، ثم قال: يا عدي أسلم تسلم، قال: قد أظن أو قد أرى أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه ما يمنعك أن تسلم إلا غضاضة تراها ممن حولي، وإنك ترى الناس علينا ألبًا واحداً، قال: = =هل أتيت الحيرة؟ قلت: لم آتها، وقد علمت مكانها، قال: يوشك الضعينة أن ترتحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف بالبيت، ولتفتحن علينا كنوز كسرى بن هرمز، قلت: كسرى بن هرمز؟ قال: كسرى بن هرمز، مرتين أو ثلاثًا، إلى آخر ما في الإصابة وأسد الغابة، وفد سنة تسع في شعبان، وقيل: سنة عشر، فأسلم وثبت على إسلامه في الردة، قال: ما داخل علي وقت صلاة قط إلا وأنا مشتاق عليها، وعنه قال: ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء، رزقنا الله من اتباع هؤلاء الأسلاف. والغضاضة: الذلة والنقيصة، وقيل: إنما هي خصاصة بالخاء وهي الفقر، وفي رواية لأحمد: فخرجت حتى وقعت ناحية الزوم يعني ببغداد حتى قدمت على قيصر، قال: فكرهت مكان ذلك أشد من كراهيتي لخروجه، الحديث.