للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذاته وادعاء كونه منعمًا على الحقيقة بجلائل النعم، والتي (١) هي دوني إلى غير ذلك، وإن كان المثنى والممجد والحامد هو العبد، وفي الصنف الثاني مطمح النظر هو إطاعته وانقياد له، ولما كان ذلك لا يتم إلا بإعانته وتوفيقه أردف الإقرار بالطاعة اعترافًا بعجزه، ومنه الإعانة منه سبحانه، فكان العبد والمعبود إلى الآية منتسبي سواء بخلاف الصنف الثالث، فإنه لا ذكر فيه لغير حوائجه حتى يقضيها المجيب الكريم، ويظفر العبد بجنات عدن بالنعيم المقيم، ويجيره من نار الجحيم. قوله [كلا الحديثين صحيح] يعني أن نسبة (٢) الرواية إلى أبي العلاء وأبي السائب تصح معًا، فإن ابن أبي أويس أوثق (٣) من روى، فلما أسنده إليهما معًا كانا صحيحين.


(١) عطف على الجلائل، أي منعم بأكبر النعم، وبالتي هي أدون بالنسبة إلى الأولى، وهلم جرا.
(٢) لما كان ظاهر الحديث الاضطراب لمكان الاختلاف فيه على العلاء بن عبد الرحمن، فروى عنه عن أبيه، وعنه عن أبي السائب، دفعه المصنف برواية إسماعيل بن أبي أويس إذ رواه عنهما معًا، وبذلك يدفع الاضطراب عند المحدثين.
(٣) هذا مبني على كلام الترمذي، فإنه لما استدل بروايته على دفع الاضطراب فكأنه هو من جملة الثقات المعتبرين عنده، لا سيما وقد احتج أبو زرعة بروايته على تصحيح الروايتين معًا، فحكم أبي زرعة بالصحة محتجًا بروايته نداء بتوثيقه، كيف وقد أخرج له الشيخان معًا، لكن مع هذا كله يتحير من له نظرة على كتب الرجال من أن الإمام الترمذي ذكر قول أبي زرعة في تصحيح الحديث، ولم يذكر قول أحد من أئمة الرجال في إسماعيل بن أبي أويس، وفي تهذيب الحافظ عن ابن معين: صدوق ضعيف العقل ليس= =بذاك، يعني أنه لا يحسن الحديث، ولا يعرف أن يؤديه أو يقرأه من غير كتابه، وعن ابن معين أيضًا: هو وأبوه ضعيفان ويسرقان الحديث، وعن النصر بن سلمة: ابن أبي أويس كذاب، وعن سيف بن محمد: كان يضع الحديث، وروى عن إسماعيل بن أبي أويس يقول: ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم، قال الحافظ: ولعل هذا كان من إسماعيل في شيبته ثم انصلح، وأما الشيخان فلا يظن بهما أنهما أخرجا عنه إلا الصحيح، انتهى. قلت: هذا هو الظن بالإمام الترمذي وأبي زرعة، فإنهما ذكرا حديثه تمثيلاً واعتماداً على متابعته أو اختياراً لقول من وثقه، ونعوذ بالله من إساءة الظن بأحد من أئمة الحديث، فإنهم قدوة الفن وسبقة الميادين.

<<  <  ج: ص:  >  >>