للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقوله: دخلوا متزحفين، ثم الذي عكسوه من الأمر القولي وبدلوه به اختلف فيه الروايات (١)، ففي بعضها حبة في شعيرة، وفي بعضها حنطة، وفي بعضها حبة في شعرة، فهذه الألفاظ مهمل (٢) أو قريب منه، وتعدد الألفاظ لكون بعضهم قال هذا وبعضهم ذلك.

قوله [فصلى كل رجل من اعلى حياله] هذه الواقعة كانت (٣) في تهجدهم


(١) ذكر صاحب البحر المحيط فيه أكثر من عشرة أقوال، ثم قال: والذي ثبت في صحيح البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر ذلك بأنهم قالوا: حبة في شعرة، فوجب المصير إلى هذا القول، ولو صح شيء من الأقوال السابقة لحمل اختلاف الألفاظ على اختلاف القائلين، فيكون بعضهم قال كذا، وبعضهم كذا، فلا يكون فيه تضاد، انتهى. قلت: واكتفى الشيخ على ثلاثة أقوال تمثيلاً وبيانًا لوجه الجمع، أما الأول فهو في حديث الباب، وأما الثاني فهو في الدر المنثور، أخرج الآثار في ذلك بطرق عن ابن مسعود ومجاهد وابن عباس، وفي البحر المحيط: قال ابن عباس وعكرمة ومجاهد ووهب وابن زيد حنطة، وأما الثالث فتقدم قريبًا.
(٢) التذكير باعتبار كل واحد منها.
(٣) ويؤيد ذلك ما في الدر للسيوطي من رواية مفصلة بلفظ: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة سوداء مظلمة، فنزلنا منزلاً، فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجداً فيصلي فيه، فلما أن أصبحنا إذا نحن قد صلينا على غير القبلة، الحديث. قلت: ولا يبعد عندي -والله أعلم- أن يحمل على الفرائض أيضًا ويؤول قوله فيعمل مسجداً على العلامة بالحجارة، فأطلق عليه المسجد مجازاً، ولفظ ابن ماجه فتغيمت السماء، وأشكلت علينا القبلة فصلينا وأعلمنا، فلما طلعت الشمس إذا نحن قد صلينا لغير القبلة، الحديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>