للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [ولكن أنطلق فأطلب لك] الظاهر أنها أرادت الاستدانة عليه، ولذلك انتظرت قدومه لما أن الاستدانة عليه لم يكن لها بدون إذنه، ولو أخذت كان الأداء عليها لا عليه، فلعله كان يصوم بدونه، ولو كان عندها شيء من طعام غير مهيأ للأكل لما انتظرت في إعداده إلى أن هجمت الليل، وما يتوهم من أنها لعلها أرادت المهيأ للأكل، وقد كان عندها من الطعام ما ليس كذلك، فيخدشه أنها مع علمها بصوم زوجها كيف تراخت في ذلك حتى كان من الأمر ما كان، وإن كان التفصى عنه يمكن بأنها لم تبدر إلى ذلك لرجائها أن يأتي زوجها من التمرات (١) أو الثمار إلى غير ذلك مما يكفي كليهما.

قوله {الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ} أطلق (٢) لفظ الرفث من بين المفطرات الثلاثة


(١) قال الحافظ تحت رواية البخاري بلفظ: قال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا! ولكن أنطلق إلخ: ظاهره أنه لم يجئ معه بشيء، لكن في مرسل السدى أنه أتاها بتمر، فقال: استبدلي به طحينًا واجعليه سخينًا، فإن التمر أحرق جوفي، وفيه: لعلي آكله سخنًا، وأنها استبدلته وصنعته.
(٢) هذا على سياق الترمذي، وهكذا سياق رواية البخاري، قال الحافظ: كذا في هذه الرواية، وشرح الكرماني على ظاهرها، فقال: لما صار الرفث، وهو الجماع هاهنا حلالاً بعد أن كان حرامًا كان الأكل والشرب بطريق الأولى، فلذلك فزحوا بنزولها، وفهموا منها الرخصة، هذا وجه مطابقة ذلك لقصة أبي قيس، قال: ثم لما كان حلهما بطريق المفهوم نزل بعد ذلك {كُلُوا واشْرَبُوا} ليعلم بالمنطوق تسهيل الأمر عليهم صريحًا، ثم قال: أو المراد من الآية هي بتمامها، قال الحافظ: وهذا هو المعتمد، وبه جزم السهيلي، وقال: إن الآية بتمامها نزلت في الأمرين معًا، وقدم ما يتعلق بعمر لفضله، قال الحافظ: وقد وقع في رواية أبي داؤد: فنزلت {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} إلى قوله {مِنَ الفَجْرِ} ففرح المسلمون بذلك، انتهى. قلت: ولا يبعد أن الراوي قدم قوله: ففرح المسلمون إشارة إلى أن الفرح بنزول أول الآية كان أكثر لما أن= =الاحتياج إليه أشد، فإن الرجل طالمًا لا يسهل عليه الجماع قبل العشاء أو قبل النوم لعدم القدرة على التخلية، بخلاف الأكل والشرب، كما لا يخفى.

<<  <  ج: ص:  >  >>