ليعلم حكم الباقين، وهو الأكل والشرب بطريق الأولى، بخلاف ما لو كانوا رخصوا بلفظ الأكل أو الشرب لم يكن تناوله الرفث بهذه المثابة.
قوله [شيئًا لم يحفظه] وفي الحاشية: إنك لعريض القفا، وإن وسادك لعريض، ليس (١) المراد بذلك التعريض بحمقه، فإن شأن خلقه صلى الله عليه وسلم كان أرفع
(١) قال الخطابي في المعالم: في قوله: إن وسادك لعريض قولان: أحدهما يريد أن نومك لكثير، وكنى بالوسادة عن النوم لأن النائم يتوسد، أو أراد أن ليلك لطويل إذا كنت لا تمسك عن الأكل حتى يتبين لك العقال، والقول الآخر أنه كنى بالوسادة عن الموضع الذي يضعه من رأسه وعنقه عن الوسادة إذا نام، والعرب تقول: فلان عريض القفا إذا كان فيه غباوة وغفلة، وقد روى في هذا الحديث: إنك عريض القفا، وجزم الزمخشري بالتأول الثاني، فقال: إنما عرض النبي صلى الله عليه وسلم قفا عدي لأنه غفل عن البيان، وعرض القفا مما يستدل به على قلة الفطنة، وقد أنكر ذلك كثير منهم القرطبي، فقال: حمله بعضهم على الذم له على ذلك الفهم، وكأنهم فهموا أنه نسبة إلى الجهل والجفا وعدم الفقه، وليس الأمر على ما قالوه، لأن من حمل اللفظ على حقيقته اللسانية التي هي الأصل إن لم يتبين له دليل التجوز لم يستحق ذمًا، ولا ينسب إلى جهل، وإنما عنى -والله أعلم- أن وسادك إن كان يغطى الخيطين اللذين أراد الله فهو إذاً عريض واسع، ولذا قال في أثر ذلك: إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار، فكيف يدخلان تحت وسادتك، وقوله: إنك لعريض القفا، أي أن الوساد الذي يغطى الليل والنهار لا يرقد عليه إلا قفا عريض للمناسبة، وقال ابن المنير: في حديث عدي جواز التوبيخ بالكلام النادر الذي يسير، فيصير مثلاً بشرط صحة القصد ووجود الشرط عند أمن الغلو في ذلك، فإنه مزلة القدم إلا لمن عصمه الله عز وجل، كذا في الفتح.