للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه يذهل الحالة الأولى، ويورث كيفية دون الكيفية السابقة، وإنما لم يرسل إليهم النوم بل النعاس الذي هو أوله وكالمقدمة، لئلا يهجم العدو فيستأصلهم.

قوله [فقال بعض الناس لعل إلخ] ولم يكن هذا القول (١) من قائله نسبة للغلول إليه عليه السلام، وإلا لكان كفراً، بل ظنوا أنه عليه السلام أخذها في حقه فانه عليه السلام كان له الصفى وخمس الغنيمة، ولكن الله تبارك وتعالى عبره بلفظ الغلول لكونه مثله صورة، أو لما أنه بعيد عنه عليه السلام، وداخل عنده في الغلول، وإن لم يكن منه حقيقة، أو لما أن هذا الأخذ كان سببًا للغلول، فإنه صلى الله عليه وسلم لو كان أخذه، وإن كان أخذه ذلك في حقه، وحصته لأخذ كل أمير وحاكم بعده، ولصار باب الغلول واسعًا، فمن كان منهم ذا ديانة حسبه في حصنه، ومن ليس كذلك لم يفعل ذلك، فسمى الله تعالى سبب الغلول غلولاً.

قوله [لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم] هذا بعد (٢) رجوعه إلى المدينة.

قوله [ألا أبشرك بما لقى الله به أباك] وإنما بشره به مع أن انكساره كان لأجل كثرة دينه وعدده وقلة ماله وعدده، ولا نسبة بين ذلك وبين ما بشره به، لما (٣) أن البشارة كيف كانت تزيل ترح (٤) الهموم، وإنعام الله


(١) هذا إذا كان قائله مؤمنًا، واختلفت الأقاويل في ذلك، ففي البحر المحيط: قال ابن عباس وعكرمة وابن جبير: فقدت قطيفة حمراء من المغانم يوم بدر، فقال بعض من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم: لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها فنزلت، وقائل ذلك مؤمن لم يظن في ذلك حرجًا، وقيل: منافق، وروى أن المفقود سيف، إلى آخر ما بسط من الأقاويل في ذلك.
(٢) وذلك لما في الإصابة برواية مسلم عنه: إني لم أشهد أحداً فلابد أن لقيه النبي صلى الله عليه وسلم بعد رجوعه عن أحد، إلا أن ابن الأثير ذكر الاختلاف في شهوده أداً.
(٣) علة لقوله إنما بشره به.
(٤) قال المجد: الترح محركة الهم، ترح كفرح، وترحه تتريحًا والهبوط، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>