للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورد في الحديث الآتي بعد هذا من دعائه صلى الله عليه وسلم عليهم، وكان أكثرهم قدر له الإيمان نهى الله تبارك وتعالى نبيه وخليله عن ذلك، ومن هاهنا يعلم أن كل دعوات نبي كائنًا من كان لا ينبغي أن يكون ظهورها حسب ما سأل.

قوله [ما من رجل يذنب ذنبًا إلخ] لما ثبت بالآية أن ذكر الله تعالى بعد ارتكاب الإثم والاستغفار منه موجب للمغفرة، وأدنى الذكر هو الندم إذا تذكر عظمته سبحانه مع شدة افتقاره إليه في كل أموره، وكثرة نعمه إليه في حزنه وسروره، بين النبي صلى الله عليه وسلم أعلى أقسام الذكر، فإن العبد أقرب ما يكون إلى الله إذا سجد، فلما كان كذلك يكون استغفاره بعد صلاته مثمراً ما له من البركات وآثار الخير.

قوله [غشينا] على زنة المجهول أي غشينا النعاس، والنوم (١) لا شك


(١) قال ابن مسعود: النعاس في القتال أمنة من الله، وفي الصلاة من الشيطان، وفائدة كون النعاس أمنة في الله، وفي الصلاة من الشيطان، وفائدة كون النعاس أمنة في القتال أن الخائف على نفسه لا يأخذه النوم، فصار حصول النوم وقت الخوف الشديد دليلاً على الأمن وإزالة الخوف، وقيل: إنهم لما خافوا على أنفسهم لكثرة عددهم وعددهم، وقلة المسلمين وقلة عددهم وعددهم، وعطشوا عطشًا شديداً، ألقى عليهم النوم حتى حصلت لهم الراحة وزال عنهم الكلال والعطش، وتمكنوا من قتال عدوهم، وكان ذلك النوم نعمة في حقهم لأنه كان خفيفًا بحيث لو قصدهم العدو لعرفوا وصوله إليهم، وقدروا على دفعه عنهم، وقيل في كون هذا النوم كان أمنة من الله: إنه وقع عليهم النعاس دفعة واحدة فناموا كلهم مع كثرتهم، وحصول النعاس لهذا الجمع العظيم مع وجود الخوف الشديد أمر خارج عن العادة، قيل: إن ذلك النعاس كان في حكم المعجزة لأنه أمر خارق للعادة، هكذا في الخازن.

<<  <  ج: ص:  >  >>