للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونزول الآية على ما قاله (١) ابن عباس رضي الله عنه كان في اليهود حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه وأخبروا بغير ما هو في كتابهم، وأظهروا أنهم لم يقولوا إلا الحق، وفرحوا (٢) بتغريرهم وخداعهم ذلك، وأحبوا أن يحمدهم النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره بإخبارهم عن الحق مع أنهم لم يخبروا بحق، فهذا الذي عناه الله تعالى قوله: {أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} فلما قرأ مروان هذه الآية، وقد علم أن العبرة لعموم الألفاظ لا لخصوص المورد، فالآية وإن كانت بحسب نزولها تختص باليهود حيث سيقت في ذكرهم إلا أنها لعمومها تعم كل بر وفاجر، ومؤمن وكافر، فرح بما فعله وأحب أن يحمد بما لم يفعله. وتحكم عليهم بالعذاب وتوعدهم


(١) أشار بذلك إلى الاختلاف في سبب النزول، فقد أخرج البخاري حديث الباب وحديث الخدري في رجال من المنافقين يتخلفون ثم يعتذرون، قال الحافظ: ويمكن الجمع أنها نزلت في الفريقين معًا، وبهذا أجاب القرطبي وغيره، انتهى. قلت: وورد في سبب نزول الآية الشريفة أقوال أخر ذكرها السيوطي في الدر، وغيره من المفسرين في مؤلفاتهم.
(٢) ولا يذهب عليك أن المذكور في النسخة الأحمدية التي بأيدينا قوله: وفرحوا بما أو توامن كتابهم، وما سألهم عنه، وهو صحيح باعتبار المعنى كما لا يخفي، لكن في النسخة المصرية: وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم وما سألهم عنه، ولفظ البخاري: وفرحوا بما أتوا من كتمانهم، قال الحافظ: كذا للأكثر بالصر بمعنى جاءوا أي بالذي فعلوه، وللحموي: بما أوتو بضم الهمزة أي أعطوا أي من العلم الذي كتموه، والأول أولى، انتهى. ولفظ السيوطي في الدر: وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>