للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدلالة النص فإن البلوى والضرورة في البدن أشد منه في الثياب واستبدل بالفرك الدلك لقريه منه ثم إن هذا كله (١) إذا لم يتلطخ رأس الذكر بشيء من النجاسات الآخر كالبول ونحوه فإنه إذا تنجس بشيء من تلك لم يطهر بالفرك ثوبًا كان أو غيره فإن التخفيف والاكتفاء بالفرك ثبت في المني لا غير على خلاف القياس فلا يمكن الحكم بطهارته بالفرك فيما لم يرو فيه النص ويشكل عليه ما يروى (٢) من أن كل فحل يمذي ثم يمني فلم يكن المذي منفكًا عن المني وقت خروجه إذا الرواية صرحت بأن المني لا يخرج إلا وقد خرج المذي قبله فلا يتحقق للرخصة معنى لعدم مصداقه ويكون قول عائشة رضي الله تعالى عنها كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجًا إلى ضرب من التأويل وإلا لزم التطهير من غير المني أيضًا والاكتفاء فيه بالفرك، والجواب أن الإذن بالشيء يستلزم الإذن بلوازمه الغير المنفكة عنه فلما كان البول غير لازم للمني في خروجه والمذي لازمًا وقد عرف الشارع ذلك تم إذن بالاكتفاء بالفرك في المني علم منه أن هذا القدر من المذي معفو عنه تبعًا وإلا لأورث حرجًا ولا كذلك إذ كان المذي منفردًا من المني لا معه فإنه غير معفو عنه إذ ذاك فلا بد من الغسل إذًا ثم لا يذهب عليك أن الإجزاء بالفرك والحت وغيره في الغليظ منه لا الرقيق لأن الفرك فيه لا يأتي بفائدة من نحو التقليل والقلع وهو المقصود ولعلك عرفت مما هنا أن الشرع إنما رخص في الاكتفاء بالفرك في المني تخفيفًا منه ورخصة مع الحكم بنجاسته فلا يفهم منه طهارته، وأما قول ابن


(١) صرح بذلك في الدر المختار وما ذكره الشيخ من الإشكال ذكره ابن الهمام وأشار إلى هذا الإشكال والجواب ابن عابدين.
(٢) أما أول الحديث من قوله كل فحل يمذي فمشهور يروي من حديث عبد الله بن سعد ومعقل بن يسار وعلي رضي الله عنه بسط طرقها الزيلعي وأما زيادة قوله ثم يمني لم أجدها إلا ما ذكره ابن الهمام وغيره من أهل الفروع من كلام شمس الإسلام فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>