للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاله النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعوتب هذا الفريق المشير بعدم القتل أن (١) داهنوا في أمر أعداء الله تعالى، بل كان عليهم بأسرهم أن يشيروا بالقتل، فعلم أن الإيمان الكامل لا يرضي أن يعامل بأعداء الله معاملة إغماض، فكيف بأحباب واسترضاء.

قوله [فقال: إنها طيبة] داخل في العتاب يعني إني أعلم أنها تنفيهم، ولكنكم قصرتم وأخطأتم في مداهنتكم في أمرهم.

قوله [وأوداجه] أي أوداج المقتول. قوله [فجزاؤه جهنم إلخ] وهذا لا يقتضي أن يجازي بذلك، فأنه ارتكب ما لو جوزى بها كملا لم يخرج من نار جهنم أبداً إلا أن الله تعالى لا يجازيه على جنايته كمال جزائها، أو المعنى خالداً فيها مسدة معهودة عند الله في هذا الإثم، والتأيد هو تأييد استيفاء هذه المدة المعهودة، والخلود هو المكث المكيث.

قوله [وأني له التوبة] وهذا مذهبه (٢) وقد علمت معنى الآية.


(١) بفتح الهمزة علة للعتاب يعني عوتبوا لمداهنتهم في ذلك.
(٢) أي مذهب ابن عباس كما هو المشهور، ففي البيضاوي: قال ابن عباس: لا تقبل توبة قاتل المؤمن عمداً، ولعله أراد به التشديد إذ روى عنه خلافه، والجمهور على أنه مخصوص يمن لم يتب لقوله تعالى {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ} ونحوه، وهو عندنا إما مخصوص بالمستحل له، كما ذكره عكرمة وغيره، ويؤيده أنه نزل في مقيس بن ضباية، وجد أخاه هشاماً قتيلا في بني النجار ولم يظهر قاتله، فأمرتم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدفعوا إليه ديته، فدفعوا إليه، ثم حمل على مسلم فقتله ورجع إلى مكة مرتداً، أو المراد بالخلود المكث الطويل، فان الدلائل متظاهرة على أن عصاه المسلمين لا يدوم عذابهم، انتهى. وفي الجلالين: هذا مؤول بمن يستحله، أو بأن هذا جزاؤه إن جوزي، ولا بدع في خلف الوعيد لقوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وعن ابن عباس أنها على ظاهرها وأنها ناسخة لغيرها من آيات المغفرة، انتهى. وفي الجمل عن الخطيب: ما روى عن ابن عباس أنه قال: لا تقبل توبة قاتل المؤمن عمداً كما رواه الشيخان عنه أراد به التشديد كما قاله البيضاوي، إذ روى عنه خلافه رواه البيهقي في سنته، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>