للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [صدقة تصدق الله بها] والتصدق (١) فيما لا يقبل التمليك إسقاط محض والساقط لا يعود، أو كان منسوخاً فحرم العمل به، أو لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بقبوله والأمر حقيقته الوجوب، والآية بظاهرها لا توافق شيئاً من المذهبين (٢) فان مقتضاها جواز القصر عند الخوف، وأما عند الأمن فليس إلا الإتمام، ولذلك سأل يعلى بن أمية، وكذلك عمر رضي الله عنه حين رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يتم الصلاة وقد أمن الناس، وقد رأى أن القصر في الآية منوط بالخوف استشكل عليه فسأل، وحاصل الجواب أنه ليس قيداً ينفي الحكم عند عدمه، بل هو بيان لما كانوا عليه إذ ذاك من المخافة، وإنما هي صدقة تصدق الله سبحانه على عباده على الدوام فليس بمشروط بالخوف.

قوله [أو كما قال الرجل] يعني كانوا (٣) يقولون في بشير هذا أو مثله


(١) يعني يصح الاستدلال بالحديث على الوجوب بوجوه: منها لفظ التصدق، ومنها أنه يدل على نسخ ما قبله، ومنها أنه عليه السلام أمر بقبوله، وغير ذلك. قال صاحب المدار: فيه ذليل على أنه لا يجوز إلا كمال في السفر، لأن التصدق بما لا يحتمل التمليك إسقاط محض لا يحتمل الرد، وإن كان المتصدق ممن لا تلزمه طاعته كولي القصاص إذا عفى، فمن تلزمه طاعته أولى، أنتهى.
(٢) يعني لا توافق مذهب الحنفية القائلين بالوجوب، ولا بمذهب غيرهم القائلين بجواز القصر، وغرض الشيخ بهذا الكلام بان إشكال عرضهم ومنشأ سوالهم.
(٣) وعلى هذا فالمراد بالرجل أحد من الناس كائناً من كان، ويكون المعنى كما أفاده الشيخ يقولون: ما يقول هذا الشعر إلا هذا الخبيث، ويقولون كما قال رجل آخر بمعنى هذا اللفظ، ويحتمل أن يكون لفظ أو كما قال إشارة إلى الشك في لفظ الخبيث، ومن عادتهم أنهم ينبهون على الشك بمثل هذا اللفظ، فيكون المراد بالرجل هو قاتل لفظ الخبيث، ولفظ السيوطي في الدر: قالوا: والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا الخبيث، فقال: أو كلما قال الرجال قصيدة - أضمو فقالوا ابن الأبيرق قالها

<<  <  ج: ص:  >  >>