(٢) أي وجوب بقاء ودوام، وإلا فمجرد الوجوب يتحقق بأمره -صلى الله عليه وسلم-، ولو كان أمره بالاجتهاد ولم يبق على ذلك الاجتهاد، فيكون مغيره كالناسخ، قال النووي: في الحديث دليل على المذهب الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- كان له أن يجتهد في الأحكام، ولا يشترط في حكمه أن يكون بوحي، إلى آخر ما قاله. (٣) فلا يشكل بمختلف ما روى في سبب نزول الآية، فقد ذكر الحافظ فيه خمسة أقوال: منها حديث الباب، ومنها ما روى عن أ [ي هريرة قال خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غضبان محمار وجهه، حتى جلس على المنبر، فقام إليه رجل فقال: أين أنا؟ فقال: في النار، فقام آخر، فقلا: من أبى؟ قال: حذافة، ثم قال: ولا منافاة بينهما لاحتمال أن تكون نزلت في الأمرين، ولعل مراجعتهم في الحج هي سبب غضبه، وجاء في سبب نزولها قول ثالث، وهو ما يدل عليه حديث ابن عباس عند البخاري، قال: كان قوم يسألون رسول الله استهزاءً، فيقول الرجل: من أبى؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فأنزل الله هذه الآية، وجاء فيه قولان آخران: فأخرج الطبري عن ابن عباس أن المراد بالأشياء البحيرة، والوصيلة، والسائبة، قال: فكان عكرمة يقول: إنهم كانوا يسألون عن الآيات، فنهوا عن ذلك، والمراد بالآيات نحو سؤال قريش أن يجعل الصفا لهم ذهباً، وسؤال اليهود {أن ينزل عليهم كتاباً من السماء} ونحو ذلك، وذكر صاحب البحر المحيط أقوالا أخر أيضاً غير ذلك، قال الحافظ: ورجح أن المنير نزولها في النهي عن كثرة المسائل عما كان وعما لم يكن، واستند إلى كثير بما أورده البخاري في باب ما يكره من كثرة السؤال. قال الحافظ: وهو متجه لكن لا مانع أن تتعدد الأسباب، انتهى.