للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قال (١)، فسأل الرجل عن أبيه لأن العرب كانوا يرمونه بغير أبيه، ثم لما تبينوا غضبه قام عمر رضي الله تعالى عنه فأخذ في الاعتذار، وكان يقول: رضينا بالله ربا وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبياً، فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ}.

قوله [إنكم تقرأون هذه الآية] أي وتريدون بها ما نطق به ظاهرها مع أن الاهتداء لا يتحقق ما لم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر، وهذان يجبان ما لم يقنط من الانتجاع، وأما إذا تيقن أنه ليس بمجد فلا (٢)، ولذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: وإعجاب كل ذي رأي برأيه، فجعله غاية للقيام بهما، لأن المرأ ما لم يعجب برأيه ولم يطمئن إليه كان مظنة لقبول أمر الغير ونهيه، وأما إذا (٣) فلا، بخلاف ما عده النبي -صلى الله عليه وسلم- من الأمور قبله من كون الشح مطاعاً وغيره، فإنها ليست بهذه


(١) فقد أخرج البخاري في العلم برواية أبى موسى، قال: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أشياء كرهها، فلما أكثر عليه غضب، ثم قال للناس: سلوني عما شئتمن قال رجل: من أبى؟ قال: أبوك حذافة، فقام آخر فقال: من أبى يا رسول الله؟ قال: أبوك سالم، فلما رأى عمر ما في وجهه قال: يا رسول الله إنا نتوب إلى الله، وفي رواية أنس: ثم أكثر أن يقول: سلوني، فبرك عمر على ركبتيه، فقال: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيناً، فسكت- وفي حديث موسى بن أنس عن أنس في التفسير: فغطى أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجوههم لهم حنين، فقال رجل: من أبى؟ قال: فلان فنزلت هذه الآية.
(٢) أي فلا يبقى الوجوب، وإن بقى الجواز بعد ذلك أيضاً.
(٣) حذف الكلام لقيام القرينة، والمعنى حينما تحقق إعجاب كل ذي رأى برأيه فلا تبقى مظنة للقبول.

<<  <  ج: ص:  >  >>