لا ينجس نجاسة لا يجوز معها مخالطة الناس ومصافحتهم والتكلم معهم والخروج في الأسواق وغير ذلك من المقاصد كما يظنه كثيرًا من العوام وليس المنفى النجاسة مطلقًا أعم من الحقيقي والحكمي كيف والنجاسة التي حرمت عليه قراءة القرآن ومس المصحف ودخول المسجد غير منكرة ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان قد أخذ بيده جنبًا ليمشي معه لكنه رضي الله تعالى عنه لما علم أنه عليه الصلاة والسلام سيرضى بفعلي الذي أفعله لعلمه بأن النبي عليه السلام يحب التطهر ويأمرنا به لا سيما حين نلقي أحد صلحاءنا ذهب من غير استئذان منه صلى الله عليه وسلم ولم يعد هذا عصيانًا منه ومخالفة لأمره عليه الصلاة والسلام ويستنبط من القصة وألفاظها مسائل.
منها جواز مصافحة الجنب الذي عقد الباب لأجله.
ومنها أن النجاسة لا تؤثر تلويثًا في غيره ولا تنجيسًا ما لم يكن ثمة نجس حقيقي وإلا لما أمكن أن يعطي أبو هريرة له صلى الله عليه وسلم يده النجسة.
ومنها (١) جواز خروج الجنب لحوائجه في الأسواق والمشاهد إذ لو لم يجز لأنكر النبي صلى الله عليه وسلم عليه خروجه من بيته جنبًا حين علم به.
ومنها جواز تأخير الغسل ما لم تحضر الصلاة.
ومنها جواز ترك الامتثال لأمر أحد من الأكابر إذا علم أنه وإن كان أمر بما أمر به صريحًا غير أنه لا يسخط على مخالفته ويرتضيه فإن الظاهر أنه عليه الصلاة والسلام قصد مصاحبته له حين أخذ بيده لكنه لما علم رضاه في خلافه لم يبال بمخالفة هذا الأمر لعلمه أن هذه المخالفة لكونه خلافًا إلى خير لا يعد عصيانًا ولا يوجب سخطه عليه الصلاة والسلام ولذا لم ينكر عليه انخناسه وسؤاله بقوله أين كنت يدل على ما قلنا من كونه معه ومصاحبته ومماشاته.
(١) ولذا بوب البخاري في صحيحه على حديث الباب وغيره باب الجنب يخرج ويمشي في السوق وغيره واستنبط الحافظان بنحو هذه المسائل التي أفادها الشيخ.