للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [فسمته عبد الحارث] وهذا تفسير لقوله تعالى {جَعَلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا} والشرك (١) هو الشرك في التسمية، وتسميته ها إن كان بعد عليه أن الحارث اسم إبليس فهو ظاهر أنه إثم وإن كانت صغيرة لأن المعنى اللغوي (٢) لا يكون مقصودا في العلم وإنما هو وضع ثان،


(١) وبذلك جزم السيوطي في الجلالين إذا قال: {جَعَلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا} بتسميته عبد الحارث، ولا ينبغي أن يكون عبداً إلا لله، وليس بإشراك في العبودية لعصمته، ثم ذكر حديث سمرة هذا، وقال: رواه الحاكم وقال: صحيح، انتهى. ولم يرتض عنه البيضاوي وفسر الآية بقوله: {{جَعَلا لَهُ شُرَكَاء} أي جعلا أولادهما له شركاء فيما آثى أولادهما فسموه عبد العزى وعبد المناف على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامة، وقيل: لما حملت حواء، فذكر هذه القصة، ثم قال: أمثال ذلك لا يليق بالأنبياء، انتهى.
(٢) ولو سلم فقد قال العلماء: لم يكن ذلك شركاً في العبادة ولا أن الحارث رب لهما لأن آدم عليه السلام كان بنبياً معصوماً من الشرك، ولكن قصدا بالتسمية أن الحارث كان سبب نجاة الولد وسلامته، وقد يطلق اسم العبد على من لا يراد به أنه مملوك، كما قال الشاعر: وإني لعبد الضيف ما دام ثاوياً أخبر عن نفسه أنه عبد الضيف مع بقاء الحرية، وإنما أراد بالعبودية خدمة الضيف، فكذلك هاهنا، وغنما أخبر عن آدم عليه السلام بقوله سبحانه {جَعَلا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا} لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين، فمنصب النبوة أشرف المناصب وأعلاها، فعاتبه الله عز وجل لأنه نظر إلى السبب ولم ينظر إلى المسبب، كذا في الخازن.

<<  <  ج: ص:  >  >>