للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الجحيم أنكروا أن تكون النار تنبت نباتا ولم يعلموا أن الله على كل شيء قدير قوله [على صورة آدم] ولا أدري (١) لم وقع التصريح بكونه على (٢) صورة آدم في أًحاب النيران وترك ذلك لأصحاب الجنان، فليسأل. ثم لا يذهب عليك أن الكفرة المردة وقع في مقدار أجسامهم روايات مختلفة والكل حق لا تدافع، فأما كونهم كأمثال (٣) الذر ففي أول الحشر لتطأهم أرجل الرجال تحقيراً لهم، ثم يجعل طولهم


(١) ولعل الباعث لذلك أن كون أهل الجنان على صورة آدم عليه السلام وهو أيضاً من أهل الجنة كان ظاهراً فترك التصريح للظهور، وقد ورد في الروايات الصحيحة عند الشيخين وغيرهما أن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب درى في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوطون، على خلق رجل واحد، على صورة أبيهم آدم، ستون ذراعاً في السماء، الحديث. بخلاف الكافر فان كونه على صورة آدم كان خفياً، لاسيما وقد ورد في الروايات من أن ضرسه أو نابه مثل أحد، وغلط جلده مسيرة ثلاث، وفخذه مثل البيضاء، ومقعده مثل الربذة، وأن مجلسه من جهنم ما بين مكة والمدينة، وأن ما بين منكبيه مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع، وغير ذلك من الروايات، فاحتاج إلى التصريح بتصويره، ولا يذهب عليك أن في رواية الدر عن الترمذي وغيره من جماعة المخرجين زيادة لفظ (نار) ليست في النسخ التي بأيدينا من الهندية والمصرية، ولفظها في بيان الكافر: ويلبس تأجاً من نار فيراه أصحابه، الحديث. وهو أوفق بالمقصود.
(٢) هذا على سياق الترمذي، وبعض الروايات خالية عن ذلك، فلا إشكال ولا جواب.
(٣) ففي المشكاة برواية الترمذي مرفوعاً: يحشر المتكبرون أمثال الذر يوم القيامة في صور الرجال يغشاهم الذي من كل مكان، الحديث. وبما أفاده الشيخ من الجمع جزم به القارى إذا قال بعد ما حكى عن بعضهم أنه تشبيه ومجاز بالذل والهوان: التحقيق أن الله يعيدهم عند إخراجهم من قبورهم على أكمل صورهم وجمع أجزائهم المعدومة تحقيقاً لوصف الإعادة على وجه الكمال، أي التي في قوله عز اسمه {كما بدأنا أول خلق نعيده {ثم يجعلهم في موقف الجزاء على الصورة المذكورة إهانة وتذليلاً لهم جزاءاً وفاقاً، أو يتصاغرون من الهيبة الإلهية عند مجيئهم إلى موضع الحساب، وقد ثبت تبديل صور أهل جهنم على أشكال مختلفة وصور مختلفة، كصور الكلاب والخنازير بحسب ما يليق بصفاتهم وأحوالهم، وقد تكبر جثهم حتى يكون الضرس كجيل أحد، وكذا تغيير صور أهل الجنة من السواد إلى البياض ومن القصر إلى الطول، وبه يزول الأشكال، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>