للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون صاحب شريعة. قوله [كذب عدو الله] إنما أطلق (١) ذلك لكونه ارتكب معصية حين حدث على خلاف الصحاح من الروايات وما يتبار من الآيات، والعاصي عدو الله في أي مرتبة كانت المعصية.

قوله [فسئل أي الناس أعلم] لما أنه خطب خطة أعجب بها الناس لما سمعوا منه دقائق وحقائق. قوله [أي رب فكيف لي به] فالزيادة في العلم مطلوبة كائناً من كان. قوله [فرقد موسى إلخ] أي اضطجعا (٢) على قصد الرقود،


(١) قال ابن التين: لم يرد ابن عباس إخراج نوف عن ولاية الله، ولكن قلوب العلماء تنفر إذا سمعت غير الحق، فيطلقون أمثال هذا الكلام لقصد الزجر والتحذير منه، وحقيقته غير مراد. قال الحافظ: ويجوز أن يكون ابن عباس اتهم نوفاً في صحة إسلامه، فلذا لم يقل في حق الحر بن قيس هذه المقالة مع تواردهما عليها، وأما تكذبيه فيستفاد منه أن للعالم إذا كان عنده علم بشيء فسمع غيره يذكر فيه شيئاً بغير علم أن يكذبه، انتهى. وقال العيني: هذا تغليظ من ابن عباس، ولاسيما كان في حالة الغضب، وإلا فهو مؤمن مسلم حسن الإيمان والإسلام، انتهى. ولعلك قد ظفرت بأن توجيه الشيخ ألطف من هذه الأقاويل كلها، ثم نوف هذا كان رجلا قاصاً بالكوفة، كما في رواية البخاري، قال الحافظ البكالي بكسر الموحدة مخففاً، ووقع عند بعض رواة مسلم بفتح أوله والتشديد، والصواب الأول، ابن فضالة الفاء وتخفيف المعجمة منسوب إلى بني بكال بن وعمى بطن من حمير، يقال: إنه ابن امرأة كعب الأحبار، ويقال: ابن أخيه، تابعي صدوق، انتهى. وذكر في الحاشية أنه كان إماماً لأهل دمشق.
(٢) ظاهر الحديث أن موسي وفتاة كليهما تاما، وهو صريح الروايات الكثيرة في الصحيحين وغيرهما الواردة بلفظ فناما، ويشكل عليها أن ألفى كيف علم باتخاذ الحوت السبيل في البحر إذا كانا راقدين معاً، وكذلك يشكل عليها نسبة نسيان الأحبار إلى الفتى، ويشكل عليها ما ورد في الروايات الأخر من الصحيحين وغيرهما: فيما هو في ظل صخرة في مكان ثريان إذ تضرب الحوت وموسى نائم، فقال فتاة: لا أوقظه، حتى إذا استيقظ فنسى أن يخبره، الحديث عند البخاري في التفير، فأراد الشيخ دفع هذه الإيرادات والجمع بين الروايات، بأن نسبة النوم إليهما مجاز لأنهما اضطجعا لقصد النوم، لكن الفتى لم ينم، فلله در الشيخ ما أدق نظرة، وعامة الشراح سكتوا عن الجمع بينها، وأشار صاحب الجمل إلى توجيه آخر، فقال: واضطرب الحوت أي بعد أن استيقظ يوشع، وصار ينظر إليه، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>