للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما هو عليه من المكيدة بآلهتهم، والسقم (١) كما هو صادق على الأمراض الظاهرة فكذلك هو صادق على العلل القلبية، وأما قوله تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ} فإنما كان يوهمهم بذلك ليحملوا السقم على ما لم يرده نم المعنى.

قوله [بل فعله كبيرهم] أي (٢) على زعمكم الباطل، فأنكم لما كنتم تنسبون الأفعال والتصرفات إليها ولا يمكن نسبته إلى سائرها لخلاف البداهة، وجب حكمكم بذلك على كبيرهم لأنه بقي سالماً، فكان جواب إلزام تهكماً بهم لإلجائهم إلى الإقرار بعجزها، لا أنه أخبر عن الواقعية حتى يلزم للكذب.


(١) كما يظهر مما حكاه صاحب المجمع إذ قال: وقيل: إني سقيم برؤية عبادتكم غير الله، انتهى. لكن قال الراغب: إن السقم مختص بالبدن، والمرض أعم، وقوله تعالى: {إِنِّي سَقِيمٌ} فمن التعريض، أو الإشارة إلى ماض، أو إلى مستقبل، أو إلى قليل مما هو موجود في الحال، إذ كان الإنسان لا ينفك من خلل يعتبريه وإن كان لا يحس به، ويقال: مكان سقيم إذا كان فيه خوف، انتهى.
(٢) وقال القرطبي: قال هذا تمهيداً للاستدلال على أن الأصنام ليست بآلهة، وقطعاً لقومه في قولهم: إنها تضر وتنفع، وهذا الاستدلال يتجوز في الشرط المتصل، ولذا أردف قوله {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا {بقوله: {فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنطِقُونَ {قال ابن قتيبة: معناه إن كانوا ينطقون فقد فعله كبيرهم هذا، فالحاصل أنه مشترط بقوله: إن كانوا ينطقون، أو أنه أسند إليه ذلك لكونه السبب، وعن الكسائي أنه كان يقف عند قوله {بَلْ فَعَلَهُ} أي فعله من فعله كائناً من كان، ثم يبتدأ كبيرهم هذا، وهذا خبر مستقل، ثم يقول: فاسألوهم إلى آخره، ولا يخفى تكلفة، هكذا في الفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>