قوله [أول من يكسى] هذه كسوة الشرف والأنبياء يحشرون (١) في ثيابهم
(١) وإلى ذلك مال القارى في شرح المشكاة إذ قال: وعندي أن الأنبياء بل الأولياء يقومون من قبورهم حفاة عراة لكن يلبسون أكفائهم بحيث لا تكشف عوراتهم على أحد ولا على أنفسهم، فيكون هذا الإلباس محمولا على الخلع الإلهية والحلل الجنتية على الطائفة الاصطفائية، انتهى. ثم ذكر القرائن على ذلك، لكنها ليست صريحة في ذلك، وقال العبني: إن قلت: روى أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري رفعه: الميت يبعث في ثيابه الذي يموت فيها، ورواه ابن حبان وصححه، أجيب بأنهم يبعثون من قبورهم في ثيابهم التي يموتون فيها، ثم عند الحشر تتناثر عنهم ثيابهم، أو بعضهم يأتون إلى المحشر عراة، وحمل بعضهم الثياب على الأعمال، وحملة بعضهم على الشهداء الدين أمر -صلى الله عليه وسلم- بأن يلزموا في ثيابهم، قالوا: يحتمل أن يكون أبو سعيد سمع الحديث في الشهداء فتأوله على العموم، = =وذهب الغزالي إلى الحديث أبى سعيد، واحتج بقوله -صلى الله عليه وسلم-: بالغوا في أكفان موتاكم فان أمي يحشرون في أكفانهم، وساتر الأمم عراة، رواه أبو سفيان مسنداً، وأجيب عنه على تقدير صحته أنه محمول على الشهداء، انتهى مختصراً. قلت: إلا أن عامة للشراح ذهبوا إلى عموم حديث الباب، ولكن أكثرهم خصوا النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك لمسألة أصولية أن المتكلم لا يدخل تحت عموم الخطاب، فحملوا كسوته -صلى الله عليه وسلم- على الكسوة الفاخرة وإن لم يكن عرياناً قبل ذلك، وبعضهم عمموا فقالوا: فضيلة جزئية لإبراهيم عليه السلام لأنه أول من كسا الفقراء، أو لأنه أول من عرى في الله حين ألقى في النار، أو لكونه أباه فقدمه لعزة الأبوة، كما في المرقاة.