للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله [فجعلت أحمله ويعييني (١)] لعجزه عن المشي وثقل جسمه.

[حتى نزلت: الزاني إلخ] فقيل (٢): الآية منسوخة، وقيل: بل المعنى


(١) من الإعياء أي يتعبني ثقله، وكان ثقيلاً كما في حديث الباب، ولا يقدر على المشي لكونه مقيداً.
(٢) اختلف في الآية على خمسة أقوال بسطت في البذل وغيره، أحدها أنها منسوخة والناسخ عموم قوله تعالى: «وأنكحوا الأيامى منكم، وعلى هذا أكثر العلماء، يقولون: من زنى بامرأة فله أن يتزوجها ولغيره أن يتزوجها، قال الشافعي: القول في الآية كما قاله سعيد بن المسيب إن شاء الله أنها منسوخة، قال ابن رشد: اختلفوا في زواج الزانية، فأجازها الجمهور، ومنعها قوم، وسبب ذلك اختلافهم في مفهوم قوله تعالى: «وحرم ذلك على المؤمنين» هل خرج مخرج الذم أو مخرج التحريم، وهل الإشارة في قوله تعالى «وحرم ذلك» إلى الزنا أو إلى النكاح، وللجمهور ما جاء في حديث ابن عباس أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم في زوجته: إنها لا ترد يد لامس، الحديث. وقال قوم أيضاً: إن الزنا يفسخ النكاح على هذا الأصل، انتهى. القول الثاني أن النكاح في الآية هو الوطى، ورجحه ابن جرير الطبري إذ قال بعد ما سرد الأقوال والروايات: وأولى الأقوال عندي بالصواب قول من قال: عنى بالنكاح الوطى، وأن الآية نزلت في بغايا المشركات ذوات الرايات، وذلك لقيام الحجة على أن الزانية من المسلمات حرام على كل مشرك، وان الزاني من المؤمنين حرام عليه كل مشركة، فمعلوم أنه لم يعن بالآية أن الزاني من المؤمنين لا ينكح إلا بزانية أو مشركة. والثالث أن الزاني المجلود لا ينكح إلا زانية بجلودة أو مشركة، والرابع أن هذا كان في نسوة كان الرجل يتزوج إحداهن على أن تنفق عليه ما كسبته من الزنا، الخامس أنه عام في تحريم نكاح الزانية على العفيف، ورجحه ابن القيم وبسطه وقال: لا يعارض ذاك حديث ابن عباس المذكور فإنه في الاستمرار على نكاح الزانية والآية في ابتداء النكاح، فيجوز للرجل أن يستمر على نكاح من زنت وهي تحته، ويحرم عليه أن يتزوج بالزانية، انتهى. قلت: وعامة المفسرين على أن اللفظ وإن كان عاماً لكن المراد منه الأعم الأغلب، والمعنى الغالب أن الفاسق الخبيث الذي يعتاد الزنا لا يرغب في نكاح الصالحة العفيفة، بل في نكاح مثله الزانية أو الشركة. قلت: وهذا مجرب مشاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>