للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظاهر خارجاً على الخليفة، وعرض بذاك معاوية إلى كونه لم يستحق بذلك كبيرة لأنه كان قاتل علياً كرم الله وجه (١).

قوله [هذا من قضى نحبه] من هاهنا يستنبط أن الإشارة فرق التسمية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخر التسمية (٢) طلباً للإشارة، ويتفرع على ذلك جملة من المسائل، وفي الحديث دلالة على تأخير البيان إذا لم بخش ضياعاً.

قوله [اللهم هؤلاء أهل بيتي إلخ] لاشك أن المراد بأهل البيت في الآية إنما هن أزواجه المطهرات، يدل على ذلك سياق الآيات وسباقها، لكن النبي صلى الله عليه وسلم (٣) أراد أن يشترك أهل البيت في إطلاق واحد وهم أهل البيت الذين


(١) وقد تأيد هذا المعنى بما أجاب على حين سأله الناس، ففي الدر: أخرج أبو الشيخ وابن عساكر عن علي رضي الله عنه أنهم قالوا: حدثنا عن طلحة، قال: ذاك إمرؤ نزل فيه آية من كتاب الله «فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر» طلحة ممن قضى نحبه، لا حساب عليه فيما يستقبل، انتهى.
(٢) يعنى لم يخبر من أول الأمر أن طلحة منهم حتى أقبل طلحة فأشار إليه بأنه منهم، فتأمل.
(٣) يعني أصل مصداق الآية النساء كما يدل عليه سباق الآية وإلا اختل نظم. الآيات، ولأنهن أحق بهذا اللفظ لملازمهن البيت، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أدخل أولاده وعلياً أيضاً في الدعاء تعميماً للإطلاق، قال البيضاوي: تخصيص الشيعة أهل البيت بفاطمة وعلى وابنيهما لهذه الرواية، والاحتجاج بذلك على عصمتهم وكون إجماعهم حجة ضعيف، لأن التخصيص بهم لا يناسب ما قبل الآية وما بعدها، والحديث يقتضي أنهم أهل البيت لا أنه ليس غيرهم، انتهى. وفي البحر المحيط: قوله: «أقمن الصلاة» أمرهن أمراً خاصاً بالصلاة والزكاة إذ هما عمود الطاعة البدنية والمالية، ثم جاء بهما في عموم الأمر بالطاعة، ثم بين أن نهيهن وأمرهن ووعظهن إنما هو لإذهاب المأثم عنهن وتصونهن بالتقوى، واستعار الرجس للذنوب، والطهر للتقوى، لأن عرض المقترف للعاصي يتدنس بها ويتلوث كما تلوث بدنه بالأرجاس، وأما الطاعات فالعرض معها نقى مصون كالثوب الطاهر، وفي هذه الاستعارة تنفير عما نهى الله عنه وتزغيب فيها أمر به، والرجس يقع على الإثم وعلى العذاب، والنجاسة والنقائص، فأذهب الله جميع ذلك عن أهل البيت، وقال الحسن: الرجس هاهنا الشرك، وقال السدي: الإثم، وقال ابن زيد: الشيطان، وقال الزجاج: الفسق، وقيل: المعاصي كلها، ذكره الماوردي، وقيل: الشك، وقيل: البخل والطمع، وقيل: الأهواء والبدع، وانتصب. «أهل» على النداء أو على المدح أو على الاختصاص، ولما كان أهل البيت، يشملهن وآبائهن غلب المذكر على المؤنث في الخطاب في عنكم ويطهركم، وقول عكرمة ومقاتل وابن السائب أن أهل البيت في هذه الآية مختص بزوجاته صلى الله عليه وسلم ليس بجيد، وإن كان هذا القول مروياً عن ابن عباس، فلعله لا يصح عنه، وقال أبو سعيد الخدري: هو خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى وفاطمة والحسن والحسين، وروى نحوه عن أنس وعائشة وأم سلمة، وقال الضحاك: هم أهله وأزواجه، وقال زيد بن أرقم والثعلبي: بنو هاشم الذين يحرمون الصدقة آل عباس وآل علي وآل عقيل وآل جعفر، ويظهر أنهم زوجاته وأهله، فلا تخرج الزوجات عن أهل البيت، بل يظهر أنهن أحق بهذا الاسم لملازمتهن بيته صلى الله عليه وسلم، وقال ابن عطية: والذي يظهر أن زوجاته لا يخرجن عن ذلك البتة، فأهل البيت زوجاته وبنته وبنوها وزوجها، وقال الزمخشري: في هذا دليل على أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته، ثم ذكر لهن أن بيوتهن= =مهابط الوحي، وأمرهن أن لا ينسين ما يتلى فيها من الكتاب، انتهى. وأخرج البغوي في المعالم بسنده إلى عطاء بن يسار عن أم سلمة قالت: في بيت نزلت «إنما يريد الله» الآية، قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى فاطمة وعلى والحسن والحسين، فقال: هؤلاء أهل بيتي، قالت: فقلت: أما أنا من أهل البيت؟ قال: بلى إن شاء الله، وفي الدر برواية ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس، قال: نزلت في نساء النبي خاصة، وقال عكرمة: من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، إلى آخر ما بسط من الآثار في ذلك، قلت: وأصرح من ذلك كله رواية أحمد في مسند عن أم سلمة وفيها: قلت: يا رسول الله الست من أهلك؟ قال: بلى، فأدخلي في الكساء، الحديث، وإنما بسطت في ذلك لما قد جار عن الحق في ذلك فريقان: أحدهما الشيعة المبتدعة أرادوا إخراج الأزواج عن مفهوم الآية، والثاني بعض مخالفيهم أرادوا تخصيص الآية بالأزواج وأنكروا روايات الباب وما في معناها، وكلاهما عدول عن الحق، والصواب ما أفاده الشيخ وهو مؤيد برواية البغوى في المعالم وأحمد في مسنده.

<<  <  ج: ص:  >  >>