للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه حيث قال: «من رجالكم» ولا يكون رجلاً إلا بعد ما بلغ.

قوله [فكانت تفتخر] فيه التحديث بنعمة ربه) (١) إذا لم يكن فيه إعجاب بنفسه. قوله [ومن يكفر بالإيمان] هذا كالدليل على الأول وبيان فائدة التقييد بالإيمان فإن الكافرة ليست بضجيعة مؤمن لأنها في الآخرة من الخاسرين (٢).

قوله [قبل بيت عائشة] إنما قال ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن ذهب في بيتها


(١) وقد قال عز اسمه: «أما بنعمة ربك فحدث» قال الرازي في تفسيره: روى عن الحسين بن على أنه قال: إذا عملت خيراً فحدث إخوانك ليقتدوا بك، إلا أن هذا إنما يحسن إذا لم يتضمن رياءً وظن أن غيره يقتدى به، انتهى. وفي الدر برواية عبد الله بن أحمد في زوائد المسند، والبيهقي في الشعب بسند ضعيف عن أنس مرفوعاً: التحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر، وبرواية أبي داود عن جابر مرفوعاً: من أبلى بلاء فذكر فقد شكره، وإن كتمه فقد كفره، وذكر في الباب روايات وآثار أخرى.
(٢) قال إمام الحرمين: قد اختلف في تحريم الحرة الكافرة عليه صلى الله عليه وسلم، قال ابن العربي: الصحيح عندي تحريمها عليه، وهذا يتميز علينا فإنه ما كان من جانب الفضائل والكرامات فحظه فيه أكثر، وما كان من جانب النقائص فجانبه عنها أطهر، فجوز لنا نكاح الحرائر الكتابيات، وقصر هو صلى الله عليه وسلم على المؤمنات، ولذا كان لا تحل له الكتابية الكافرة لنقصانها بالكفر، كذا في القرطبي، وأما تسريه بالأمة الكتابية فالأصح فيه الحل، لأنه صلى الله عليه وسلم استمتع بأمته ريحانة قبل أن تسلم، وفي شرح الروض لشيخ الإسلام: ومما خص به صلى الله عليه وسلم أنه حرم عليه نكاح الكتابية لأنها تكره صحبته، ولقوله تعالى: «وأزواجه أمهاتهم، ولا يجوز أن تكون المشركة أم المؤمنين، ولخبر: سألت ربي أن لا أزوج إلا من كان معي في الجنة فأعطاني، رواه الحاكم وصحح إسناده، كذا في الجمل، قلت: لكن الكتابية تجوز أن تكون أم المؤمن، وتوضيح الحديث أنهم اختلفوا في الآية هل هي محكمة أو منسوخة وفي المراد بها، كما بسطها أهل التفسير، ومذهب ابن عباس أن الله عز اسمه حرم على النبي صلى الله عليه وسلم غير الأصناف الأربعة فقال: «لا تحل لك النساء من بعد» الآية، ومعنى قوله (من بعد) أي من غير الأصناف المذكورة الأربعة في قوله تعالى: «إنا أحللنا لك» الآية، وهي الأزواج الموجودات إذ ذاك، والأمة المؤمنة، وبنات العم والعمات، والخال والخالات، المؤمنات المهاجرات، وامرأة مؤمنة واهبة نفسها، وفي الدر برواية ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله تعالى: «يا أيها النبي إنا أحللنا لك» الآية، قال: فحرم الله عليه سوى ذلك من النساء، وكان قبل ذلك ينكح في أي النساء شاء لم يحرم ذلك عليه، وكان نساؤه يجدن من ذلك وجداً شديداً أن ينكح في أي النساء أحب، فلما أنزل الله عليه أني قد حرمت عليك من النساء سوى ما قصصت أعجب ذلك نساءه، قال الصاوي: اختلف المفسرون في المراد بهذه الآية «يا أيها النبي أنا أحللنا لك» فقيل: المعنى أن الله أحل له أن يتزوج بكل امرأة دفع مهرها، فعلى هذا تكون الآية ناسخة للتحريم الكائن بعد التخيير المدلول عليه بقوله: «لا تحل لك النساء من بعد» فهذه الآية وإن كانت متقدمة في التلاوة فهي متأخرة في النزول عن الآية المنسوخة بها، كآية الوفاة في البقرة، وقيل: المراد أحللنا لك أزواجك الكائنات عندك لأنهن أخترنك على الدنيا، ويؤيده قول ابن عباس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوج من أي النساء شاء، وكان يشق على نسائه، فلما نزلت هذه الآية وحرم عليه بها لنسائه إلا من سمى سر نساؤه بذلك، والأول اصح، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>