بيوت أزواجه ثم انصرف راجعاً، وكان قد ذهب قوم حين رأوه قام ليذهب، وآخرون حين قام وذهب، إلا رجلين فإنهما بقيا جالسين، فلما رجع عن بيوت أزواجه ورآهما كما كانا هم بالانصراف ثانياً يريهما ذلك، فلما رأياه قاما وذهبا، وحمل الرواية على ما ذكرناه سهل، أو يقال: أتى باب امرأة من داخل بيتها بريد الخروج فلم يخرج فإذا هما لم يذهبا، فانطلق إلى بيوتهن ثم رجع وهما كما كانا، فانطلق أي فهم ثانياً بالانطلاق ولم ينطلق، وإنما أخذ فيه يريهما أنه منطلق فرجع وكانوا قد خرجوا حين رأوا ذلك، وعلى هذا فترتيب الكلمات منتظم.
قوله [فأكلوا حتى شبعوا] فيه جواز الجمع (١) بين طعامين فإن النبي صلى الله عليه وسلم
(١) قال الحافظ: قد استشكل عياض ما وقع في هذا الحديث من أن الوليمة بزينب كانت من الحيس الذي أهدته أم سليم وأن المشهور من الروايات أنه أولم عليها بالخبز واللحم، قال عياض: هذا وهم من راوية وتركيب قصة على أخري، وتعقبه القرطبي بأنه لا مانع من الجمع بين الروايتين، والأولى أن يقال: لا وهم في ذلك، فلعل الذين دعوا إلى الخبز واللحم. فأكلوا وشبعوا وذهبوا لم يرجعوا، ولما بقي النفر الذين كانوا يتحدثون جاء أنس بالحيسة، فأمر بأن يدعو ناساً آخرين ومن بقي فدخلوا فأكلوا أيضاً، واستمر أولئك النفر يتحدثون، قال الحافظ: هو جمع لا بأس به، وأولى منه أن يقال: إن حضور الحيسة صادف حضور اللحم والخبر، فأكلوا كلهم من كل ذلك، انتهى. قلت: وعلى هذا الأخير يبنى كلام الشيخ.