للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العام على عمومه القطعي ما لم تقم قرينة خصوص، وأن تأويل كلام ظاهره الكفر والمعصية واجب وإن قصد به المتكلم خلافه، فما اشتهر (١) بين العلماء أن الكلام يحمل على تأويل صحيح إن أمكن وإن كان له تسعة وتسعون تأويلاً مؤثمة. قوله: [ممن استثنى الله] أي بقوله: «إلا من شاء الله» وهذه الصعقة غير الصعقة التي قبل الحشر، فإن النفخات (٢) متعددة: نفختان وقت قيام القائمة،


(١))) الظاهر بدله (كما اشتهر) لئلا يحتاج إلى تقدير عباره، وللحذف مساغ.
(٢))) وبذلك جزم ابن حزم إذ قال: إن النفخات يوم القيامة أربع: الأولى نفخة إماتة فيها من بقى حياً في الأرض، والثانية نفخة إحياء يقوم بها كل ميت وينشرون من القبور، والثالثة نفخة فزع وصعق يفيقون منها كالمغشى عليه لا يموت منها أحد، والرابعة نفخة إفاقة من هذا الغشي، هكذا حكاه الحافظ ابن حجر في الفتح، ثم تعقب كلامه فقال: وهذا الذى ذكره من كون الثنتين أربعاً لبس بواضح، بل هما نفختان فقط، ووقع التغائر في كل وحدة منهما باعتبار من يسمعها، فالأولى يموت بها كل من كان حياً ويغشى على من لم يمت استثنى الله، والثانية يعيش بها من مات ويفيق بها من غشى عليه، انتهى. قلت: وحكى صاحب البحر النفخات اثنتان، وحكى صاحب الجمل عن ابن الوردي إنها ثلاثة، وبسط أحوال الثلاثة مفصلة، وقال القاضي كما حكاه النووي: إن حديث الباب من أشكال الأحاديث لأن موسى مات فكيف تدركه الصعقة وإنما تصعق الأحياء، ثم أجاب عنه بأنه يحتمل أن هذه الصعقة صعقة فزع بعد البعث حين تنشق السماوات والأرض، فتنتظم حينئذ الآيات والأحاديث، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>