وعد من أشراط الساعة. واختلف في تفسير الآية {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} وتعيين المراد بالدخان فيها، فالصحيح (١) الذي لا يحول حماه ريب ويكون مطابقًا للسياق والسباق من غير رجم غيب هو الذي أراد ابن مسعود، وإن
(١) أي الصحيح في تفسير الآية، وإلا فكون الدخان من أشراط الساعة مروي في عدة روايات كما تقدم، وعلى هذا القول اكتفى المحلى في الجلالين إذ قال بعد قوله تعالى: {بِدُخَانٍ مُبِينٍ}: فأجديت الأرض واشتد بهم الجوع إلى أن رأوا من شدته كهيئة الدخان، قال صاحب الجمل: هذا هو المراد بالدخان هاهنا، وهو أحد أقوال ثلاثة ذكرها المفسرون: أحدها أن الدخان هو ما أصاب قريشًا من الجوع بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان الرجل يرى بين السماء والأرض دخانًا، وهذا قول ابن عباس ومجاهد ومقاتل، واختيار الفراء والزجاج، وهو قول ابن مسعود، وكان ينكر أن يكون الدخان غير هذا، والقول الثاني ونقل عن علي وابن عباس أيضًا، وابن عمر وأبي هريرة وزيد بن علي والحسن أنه دخان يظهر في العالم في آخر الزمان يكون علامة على قرب الساعة يملأ ما بين المشرق والمغرب وما بين السماء والأرض، يمكث أربعين يومًا وليلة، والقول الثالث أنه الغبار الذي ظهر يوم فتح مكة من ازدحام جنود الإسلام حتى حجب الأبصار عن رؤية السماء قاله عبد الرحمن الأعرج، واحتج الأولون بأنه تعالى حكى عنه قولهم: {رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ} ثم عللوا ذلك فقالوا: {إِنَّا مُؤْمِنُونَ} فإذا حمل على القحط الذي وقع بمكة استقام، فإنه نقل أن الأمر لما اشتد على أهل مكة مشى إليه أبو سفيان فناشده الله والرحم، وواعده إن دعا لهم وأزال عنهم تلك البلية أن يؤمنوا به، فلما أزالها الله عنهم رجعوا إلى شركهم.