للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان (١) يصح حمل الآية على ما ذكره القاص أيضًا فإنه يبقى أربعين يومًا ثم يكشف بعد ذلك، والقول الثالث (٢) الذي قيل إنه يكون بعد الحشر، قال أصحابه: إنه على التقدير، أي لو كشفنا عنهم العذاب لعادوا، وإنما رد ابن مسعود على القاص قوله ذلك ظنًا منه أنه إنما ذكر ما ذكر من غير أن يستند ذلك إلى نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، فظاهر أن وقائع نزول الآيات لا دخل فيها للعقل، وإنما هي منوطة بالرواية والنقل، ولم يكن قصد ابن مسعود (٣) رد الرواية التي ذكرها


(١) بسط الزازي في الكبير في انطباق الآية على هذا القول، وأجاب عما تقدم من الاستدلال في كلام الجمل، فارجع إليه لو شئت التفصيل.
(٢) وهذا غير القول الثالث المذكور في كلام الجمل، ولم يذكره عامة المفسرين بل اكتفوا على القولين فقط إلا ما ذكره صاحب البحر المحيط، قال علي ابن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وزيد بن علي والحسن: هو دخان يجيء يوم القيامة، وفي حديث حذيفة: أول الآيات خروج الدجال، والدخان، ونزول عيسى بن مريم، الحديث. فإن كان هو الذي رأته قريش فالناس (أي في قوله تعالى {يَغْشَى النَّاسَ}) خاص بالكفار من أهل مكة، وقد مضى كما قال ابن مسعود، وإن كان من أشراط الساعة أو يوم القيامة فالناس عام فيمن أدركه وقت الأشراط وعام بالناس يوم القيامة، انتهى.
(٣) قلت: لكن الظاهر من الروايات التي رويت عن ابن مسعود بألفاظ مختلفة أن كون الدخان من الأشراط مسلم عنده وهو مراد الآية، لكن مصداقه هو القحط، ويوضح ذلك ما في الدر برواية ابن مردوديه من طريق أبي عبيدة عن ابن مسعود قال: آية الدخان قد مضت، ومن طريق عتبة عنه قال: الدخان قد مضى، كان أناس أصابهم مخمضة وجوع شديد، الحديث. ومن طريق محمد بن سيرين قال: قال ابن مسعود =كل ما وعدنا الله ورسوله فقد رأيناه غير أربع: طلوع الشمس من مغربها، والدجال. والدابة، ويأجوج ومأجوج، فأما الدخان فمضى، وكان سنى كسنى يوسف، وأما القمر فقد انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما البطشة الكبرى فيوم بدر، وغير ذلك من الروايات.

<<  <  ج: ص:  >  >>