للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسديد، فإن الكفرة منهم لم يحضروا ولم يسألوا حتى يبين لهم، مع أنهم ليسوا بمفتقرين إلى تشريعه ولا منقادين له حتى يلتزموا ما ألزمه إياهم، بل الوجه في الجمع (١) بينهما -والله أعلم- أن المراد بالذكر حيث أثبت هو الذكر عند الذبح، وحيث نفى هو الذكر عند الأكل، يعني أنه صلى الله عليه وسلم بين لهم علامة يميزوا بها بين ما ذكر اسم الله عليها عند الذبح وبين ما لم يذكر عليها اسم الله عنده، ثم أمرهم بأكل ما ذكر اسم الله عليها، ونهاهم عما لم يذكر، وبين لهم أيضًا


(١) هذا أوجه مما جمع به الشراح، لأن في محملهم لا يكون حديث الباب موافقًا للسؤال، فإنهم سألوا الزاد لأنفسهم، وفي حديث الباب على قولهم زاد لكفرتهم، وأيضًا لا يرتفع التعارض من بين الحديثين بعد هذا الجمع أيضًا، لأنه إذا أريد بالذكر في كلا الحديثين الذكر عند الأكل فيبقى التعارض بأن مؤدى حديث مسلم أن يكون العظم أوفر ما يكون عليه لحمًا إذا ذكر عليه اسم الله، ومؤدى حديث الترمذي أن يكون العظم أوفر ما يكون عليه اللحم عند عدم الذكر، فتعارضا بخلاف ما حمله الشيخ بأن مراد من الذكر في حديث مسلم هو الذكر عند الذبح فيكون العظم أوفر ما يكون عليه إذا كان ذكيًا، ولا يكون إذا كان ميتة، وأما عند الأكل فيكون أوفر إذا لم يذكر عليه اسم الله عند الأكل، بخلاف ما إذا أكل باسم الله، فإن الأكل نفد بركة العظم كلها، ويؤيد كلام الشيخ ما قال ابن عابدين: أستفيد من حديث مسلم أنه لو كان عظم ميتة لا يكره الاستنجاء به، انتهى. فعلم أنه حمل التسمية في حديث مسلم على التسمية عند الذبح خلافًا لما تقدم عن المجمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>