للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسائل: منها أن المسلم إذا ادعى (١) على غلام لقيط أنه غلام وادعى ذمي أنه ابنه يثبت نسبه منه ولا يلتفت إلى دعوى المسلم، لأن ضرر انتفاء النسب ضرر موجود مفتقر إليه في الحال، والإسلام يكلف به حين يبلغ، فإذا كان حرًا فظاهره أنه يسلم، فإن المصنوعات دالة عليه، والعقل مرشد إليه.

قوله [فلم أنح بعد قضائهن ولا غيره] هذان مفعولان للفعل المذكور، وهو متكلم من النحو هو القصد لا من النوحة المسوق لها الحديث، وبعد مبنى على الضم لحذف ما أضيف إليه وليس بمضاف إلى قضائهن، وما عطف عليه لفساد المعنى المراد، فإن المقصود أني لم أنح بعد العهد لا في قضائهن (٢) ولا في


(١) ففي الهداية وفتح القدير: إن التقطه رجل لم يكن لغيره أن يأخذه منه لأنه ثبت حق الحفظ له لسبق يده، فإن ادعى مدع أنه ابنه فالقول قوله، (ويثبت نسبه منه بمجرد دعواه ولو كان ذميًا) ومعناه إذا لم يدع الملتقط نسبه، وهذا استحسان، والقياس أن لا يقبل قوله، لأنه يتضمن إبطال حق الملتقط، وجه الاستحسان أنه إقرار للصبي بما ينفعه، لأنه يتشرف بالنسب ويعير بعدمه، انتهى. وقال أيضًا: إذا كان الصبي في يد مسلم ونصراني، فقال النصراني: هو ابني، وقال المسلم: هو عبدي، فهو ابن النصراني وهو حر، لأن المسلم مرجح فيستدعى تعارضًا ولا تعارض، لأن نظر الصبي في هذا أوفر لأنه ينال شرف الحرية حالاً وشرف الإسلام مآلاً، إذ دلائل الوحدانية ظاهرة، وفي عكسه الحكم بالإسلام تبعًا وحرمانه عن الحرية لأنه ليس في وسعه اكتسابها، انتهى.
(٢) ويؤيد ذلك ما في التيسير برواية الترمذي في هذا الحديث: فلم أنح بعد في قضائهن ولا في غيره حتى الساعة، وهو كذلك في نسخة مصرية للترمذي: وفي الأخرى المصري: ولم أنح بعد على أخائهن ولا غيره، وفي الدر برواية ابن سعد وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجة وابن جرير وغيرهم بلفظ: فلم أنح بعد، ولم يبق منا امرأة إلا وقد ناحت غيري، ثم استثنائها نفسها خاصة لعله باعتبار علمها وإلا فقد أخرج البخاري برواية أم عطية في مثل هذه القصة: فما وفت منا امرأة غير خمس نسوة، أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سيرة امرأة معاذ، وامرأتين، أو ابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ، وامرأة أخرى، وبسط الحافظ في تفصيل هذه الخمسة وتعيينها، ولم يعد منها أم سلمة الأنصارية فهي سادسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>