للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الذكر هو المقصود الأصلي المطلوب لذاته، كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ} الآية، فالجهاد ليس إلا لتحصيله، فأما إن يسلم الكفار فيذكروه، أو يقتلوا فيتفرغ المؤمنون لذكره سبحانه، وأما ما ورود من الفضائل في الجهاد فإن ذلك لفضيلة جزئية فيه، وقد يربو المفضول على ما هو أفضل منه إذا احتيج إليه، فقد كانت في الجهاد (١) فضيلة للافتقار إليه إذًا، وكذلك في كل زمان يفتقر إليه وإلى


(١) وعلى هذا فلا يخالف حديث الباب ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم: رباط يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه من المنازل، وأيضًا رباط يوم في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، وأيضًا مقام أحدكم في سبيل الله ساعة أفضل من صلاته في بيته سبعين عامًا، وغير ذلك من الروايات الكثيرة الشهيرة في الباب، وإلى ذلك ذهب جمع من المشايخ وشراح الحديث في الجمع بين مختلف ما روى في أفضل الأعمال، وحكى العيني عن القفال الكبير الشاشي أنه جرى على اختلاف الأحوال والأشخاص كما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال: حجة لمن لم يحج أفضل من أربعين غزوة، وغزوة لمن حج أفضل من أربعين حجة، وحكى عن القاضي عياض أنه قال: أعلم كل قوم بما لهم إليه حاجة، وترك ما لم تدعهم إليه حاجة، أو ترك ما تقدم علم السائل إليه وأعلمه بما لم يكمله من دعائم الإسلام، ولا بلغه إلى عمله، إلى =أن قال: وقد يكون الجهاد أفضل من سائر الأعمال عند استيلاء الكفار على بلاد المسلمين، ثم قال: والحاصل أن اختلاف الأجوبة في هذه الأحاديث لاختلاف الأحوال، انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>